الاثنين 30 جوان 2025

وثيقة إسبانية تكشف: زعيم الريف الشيخ عبد الكريم الخطابي سعى من منفاه ولثلاث مرات إلى الثورة على نظام المخزن قبل وبعد استقلال المغرب

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
وثيقة إسبانية تكشف: زعيم الريف الشيخ عبد الكريم الخطابي سعى من منفاه ولثلاث مرات إلى الثورة على نظام المخزن قبل وبعد استقلال المغرب

تخبر وثيقة إسبانية من وثائق الأرشيف الموجود في المؤسّسة الوطنية فرانسيسكو فرانكو، تحت عدد 473، لسنة 1957، أن الصحافي الإسباني المعروف باسم كامْبَرا أجرى حواراً مع عبد الكريم الخطابي، في القاهرة، استنتج منه، بناء على تصريح، أن الأخير قام بعدة محاولات، غير مكتملة أو لعلها لم يُكتب لها النجاح، للثورة على الأوضاع القائمة في المغرب والتي تسبب فيها نظام المخزن.

ويؤكّد الصحافي، بصورة بديهية تقريباً، أن أولى المحاولات تعود إلى 1954، وكان الهدف منها، فيما استخلصه من أقوال الخطابي، إثارة القبائل الريفية بقصد التمرّد الذي قد يُفهم منه تحقيق الانفصال، وبناء كيان مستقل في المنطقة الشرقية التي سبق لعبد الكريم الخطّابي نفسه، ومن كان معه، أن خاضوا فيها أقوى مواجهة حربية ضد الدولة الإسبانية، تُوِّجَت في صيف 1921 بالهزيمة المنكرة، غير المسبوقة إلا بهزيمتها في كوبا (أو مأساة 1898)، التي منيت بها عُدَّة وعتاداً.

ويؤكد الصحافي (كامبرا) أن عبد الكريم الخطّابي ما كان له أن يستنهض القبائل الريفية، في تلك الفترة، إلا لأنه كان على علاقة سرّية معها من مكان وجوده في المنفى القاهري. والأهم أن العلاقة السرّية، على الأرجح مع بعض الأفراد المؤثرين في أوضاع القبائل، كانت قائمة على مشروع قديم سبق للخطّابي أن بنى عليه ثورته الريفية أيام مجده وعنفوانه، أي إعلان وبناء “الجمهورية” المحلوم بها من أيام “السيبة”، التي عمت مختلف المناطق المغربية، قبل أن يستتب الأمر للعلويين ونظامهم المخزني بمساعدة الحماية الفرنسية. ولكن الغريب في هذا التصور أن كامبرا يعتقد أن الهدف الذي توخّاه عبد الكريم الخطابي كان أبعد من ذلك، فهو كان يرمي أيضاً إلى تحرير الجزائر المستعمرة من الفرنسيين منذ أوائل القرن التاسع عشر (1830). ويضيف، إلى هذا، أنه كان يراهن على الدعم المعنوي الإسباني لبلوغ مشروعه الطموح، بعد أنْ كان يعتبر إسبانيا عدوّاً لا تُقْبَل مساعدته أيّا كان نوعها.

المحاولة الثانية التي قام بها الخطابي، حسب كامبرا، بعد أقل من سنة على استقلال المغرب، أي في 1957 عندما بحث عن الدعم الذي يمكن أن تقدّمه له جبهة التحرير الوطني الجزائرية التي كانت قد دوَّخت الاستعمار الفرنسي بسبب العمليات الجريئة التي كانت تقوم بها، وربما كانت قد اشتدّت فصار من المحتم أن تبحث فرنسا عن حلٍّ معين، رغم الإرهاب الشديد الذي تمارسه، للخروج الآمن من الجزائر حتى لا تفقد مصالحها الاستراتيجية في الشمال الأفريقي كلياً.

ويؤكّد كامبرا بصورة يقينية أن المحاولة كانت موجهة ضد شخص الملك محمد الخامس، مع أنه لا يُبيّن الشكل الخاص الذي كان من الممكن أن تكتسيه. وعلى هذا الأساس، بعث عبد الكريم الخطابي من القاهرة أحد أبنائه، إدريس، للدخول في علاقات مع وجهاء ريفيين قصد حثهم على التمرّد. ويبدو، حسب هذا التأكيد، أن ابن الخطابي سافر إلى ألمانيا قصد شراء الأسلحة، إلا أن العملية كلها، في نهاية الأمر، فشلت من دون أن تُعْرَف الأسباب التي أدّت إلى فشلها.

هناك محاولة ثالثة، حسب كامبرا، تمت مباشرة بعد هذه الثانية، أي في 1958، حين بعث عبد الكريم الخطابي مرّة ثانية ابنه الآخر، عبد السلام، الذي زار منطقة الريف، ولكنه عاد إلى القاهرة عن طريق إسبانيا، فكان مروره بها مناسبة، مرتّبة في ما يبدو، للالتقاء بالمستشار العسكري المصري الملحق بالسفارة في مدريد. ويقول كامبرا إن عبد السلام حاول الاتصال بجيش التحرير المغربي، العامل في الجنوب المغربي، داعيا قادته إلى دعم “التمرّد الريفي”. وحسب معلومات أخرى يوردها كامبرا، فإن لقاءً قد جرى بين عبد الكريم الخطابي وبعض أعضاء جبهة التحرير الجزائرية في القاهرة في مايو 1958، ويؤكّد هذا ما قاله كامبرا عن أن رئيس الجمهورية الجزائرية المؤقتة، فرحات عبّاس، حضر هذا اللقاء بنفسه.

رابط دائم : https://dzair.cc/4clh نسخ