1 سبتمبر، 2025
ANEP الاثنين 01 سبتمبر 2025

وهم الانتصار وصدمة المجهول .. بقلم الصحفي كمال علاق

نُشر في:
بقلم: كمال علاق
وهم الانتصار وصدمة المجهول .. بقلم الصحفي كمال علاق

بعد مرور زمن ليس بالقصير على صمت المقاومة الفلسطينية المتعمد بشأن مصير الجنود الصهاينة الأربعة المفقودين في كمين استهدف الفرقة “162” واللواء “401” الصهيونيين، بحي الزيتون شرقي غزة، والذي أسفر عن مقتل جندي وإصابة آخرين، إلى جانب انقطاع الاتصال مع 4 آخرين، مع تكهنات قوية بوقوعهم في الأسر لدى حركة حـماس، وجد الاحتلال نفسه محاصراً بأزمة داخلية خانقة، وضغط شعبي وإعلامي غير مسبوق.

هذا الصمت لم يكن عجزاً، بل كان سلاحاً فتاكاً في معركة الحرب النفسية التي تخوضها المقاومة، حيث تركت العدو يواجه أزمته وحده، ينهشه القلق وتفتك به الشكوك.

وفي ذروة هذا التخبط، خرجت الدعاية الصهيونية بادعاء استهداف الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة، محاولةً تعويض الفشل العسكري بإنجاز وهمي يقدّم للرأي العام الصهيوني على أنه “انتصار”.

لكن المتابع يدرك أن هذا الادعاء ليس إلا انعكاساً لحالة الانهيار والارتباك التي تعيشها قيادة الاحتلال، فهم بحاجة ماسّة لأي خبر يصرف الأنظار عن السؤال الأصعب، وهو أين جنودنا؟ وما مصيرهم؟.

إن اختلاق هذه الروايات الزائفة يفضح هشاشة المنظومة الإعلامية والعسكرية للعدو الصهيوني، ويؤكد أن جيشاً يدّعي امتلاك أقوى أجهزة الاستخبارات في المنطقة، يقف اليوم في مواجهة المجهول، محاطاً بالهزيمة والخذلان، حيث لم يستطع أن يعثر على جنوده، ولم يقدر على مواجهة صمت المقاومة، فلجأ إلى الأكاذيب لعلها تطفئ نار الهلع المشتعل في الداخل.

أما المقاومة، فهي تدير الموقف بذكاء استراتيجي نادر، تدرك قيمة الوقت، وتعرف أن كل لحظة صمت تزيد من نزيف العدو، وتضاعف من أثر الشك في قلوب قادته وجنوده وعائلاتهم.

إن حرب الأعصاب التي تشنها المقاومة لا تقل خطورة عن الصواريخ والقذائف، بل قد تكون أشد وقعاً وأطول أثراً.

إن الحقيقة الثابتة التي يعجز الاحتلال عن إدراكها هي أن أبو عبيدة ليس مجرد شخص، بل هو رمز وإرادة وصوت أمة بأكملها، وكل محاولة للنيل منه أو إسكاته ستبوء بالفشل، فصوت المقاومة أعلى من قنابلهم، وأقوى من إعلامهم، وأبقى من كل دعاياتهم الزائفة.

وختاماً، فإن العدو الذي يزعم استهدافه لأبو عبيدة، إنما يستهدف معنويات جمهوره الممزق قبل أي شيء آخر، أما المقاومة فقد نجحت في نقل المعركة إلى عمق الوعي الصهيوني، حيث يتجرّع الاحتلال مرارة الانتظار والشك والانكسار.

رابط دائم : https://dzair.cc/n08l نسخ