7 سبتمبر، 2025
ANEP الأحد 07 سبتمبر 2025

100 سنة على إنزال الحسيمة: من صدمة الاستعمار وغدر سلطان المغرب إلى إرادة أبناء الريف في الاستقلال والتحرّر من ربقة الاحتلال المخزني

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
100 سنة على إنزال الحسيمة: من صدمة الاستعمار وغدر سلطان المغرب إلى إرادة أبناء الريف في الاستقلال والتحرّر من ربقة الاحتلال المخزني

في 8 سبتمبر 1925 جرت واحدة من أعظم مآلات تاريخ الريف: الإنزال الإسباني-الفرنسي على شواطئ الحسيمة (معركة الحسيمة)، الذي مثل لحظة الحسم في الحرب ضد قيادة الأمير عبد الكريم الخطابي. هذه العملية، الذكرى المائة لها تُحيي اليوم ذكريات كفاح الريف وإرث رفض الخيانة ومطالبة الاستقلال.

الإنزال الحاسم: نهاية الجمهوريّة أو بداية الأسطورة؟

في مؤتمر مدريد عام 1925 تم الاتفاق على تنفيذ إنزال ضخم في الحسيمة بدعم فرنسي لتدمير دولة الريف الوليدة. ما يقرب من 13 ألف جندي تم نقلهم عبر 80 سفينة و100 طائرة، مزودين بدبابات، بعد تخطيط استخباراتي دقيق. كان هذا الإنزال هو الأول من نوعه في التاريخ العسكري الحديث الذي دمج الجيش والبحرية والطيران في عملية موحدة تحت قيادة جنرالات إسبان وفرنسيين، وأفشل مقاومة الريفيين أمامه، ما أتاح دخول عاصمة الريف “أجدير” وانهيار الجمهورية في أقل من عام.

خيانة السلطان والمخزن: دعم للغزاة ضد أبناء الأرض

بدلًا من مساندة الثورة الريفية في الدفاع عن الاستقلال، اختار سلطان المغرب آنذاك التواطؤ مع القوى الاستعمارية. شارك في مؤتمر مدريد وأعطى شرعية داخلية للإنزال، ما حول القضية الوطنية إلى لعبة مصالح بين الاستعمار ومؤسسات المخزن، وفضح توجه السلطة المغربية في معاداة إرادة الريف المستقلة.

عبد الكريم الخطابي: مؤسس دولة الريف وعقلها السياسي

لم يكن عبد الكريم زعيمًا عسكريًا فحسب بل مشروع دولة ديمقراطية مناطقية. أنشأ مؤسسات مدنية: محكمة منتخبة، نظام ضريبي، مؤسسات تعليمية، وأدار دولة صغيرة تعتمد على حقوق السكان. لكنه قوبل بالعداء من السلطان المغربي مولاي يوسف، الذي رآه تهديدًا لوحدته السلطانية، وليس بديلاً لسياسته المركزية.

إرث الريف لا يزال حيًّا: الحزب الوطني الريفي يستلهم الإرادة

بعد قرن من الإنزال والصمت الرسمي، يتصدّر الحزب الوطني الريفي (تأسس سبتمبر 2023) المشهد في رفع راية الريف التاريخية. يدعو لإعادة تأسيس الجمهورية الريفية واستقلالها وفق حق تقرير المصير الذي تم إنكاره تاريخيًا. الحزب يربط قانونية الخطابي بالقيم المعاصرة: الهوية، الديمقراطية، المقاومة ضد التهميش.

ويطالب الحزب برفع الإقصاء السياسي المفروض على الريف، وإزالة آثار التنكيل والتهميش الاقتصادي والاجتماعي. كما يشدد على أن الاعتراف برغبة الريفيين في تقرير مصيرهم هو المخرج الوحيد لطي صفحة الصراع المفتوح منذ الثورة وحتى اليوم.

ذكرى الإنزال في السياق العام: بين انتصار قاتم وصفحة جديدة

لم يكن إنزال الحسيمة فقط نهاية حلم الريف بالحرية، بل أيضًا درسًا دمويًا في كيفية تجنيد السلطة المركزية لمصالح خارجية ضد أبناء وطنها. ولكن بعد 100 سنة، عبر نضال الريف المتجدد، نرى أن الذاكرة الشعبية –التي تربت على نموذج الخطابي– ما زالت حيّة، وأن الجمهورية الريفية هي مشروع لم يمت، بل ينتظر فجر حرية حقيقي عبر صوت السياسة الشعبية الحرّة.

رابط دائم : https://dzair.cc/9ch0 نسخ