الخميس 20 نوفمبر 2025

117 سنة سجناً.. حين يقرّر المخزن أن يخنق جيلاً كاملاً بدل أن يخنق أزماته

نُشر في:
117 سنة سجناً.. حين يقرّر المخزن أن يخنق جيلاً كاملاً بدل أن يخنق أزماته

لا يحتاج المتابع لأي قدر من الذكاء ليفهم ما يجري في المغرب: السلطة هناك لم تعد تحاكم الأفراد، بل تحاكم الأجيال. الأحكام الصادرة في كلميم—117 سنة سجناً ضد 16 شاباً، بينهم أربعة قُصَّر—لا علاقة لها لا بالقانون ولا بالأمن ولا بـ”حماية الممتلكات”. هذه الأحكام رسالة واحدة ووحيدة:
“اخرسوا… ولا تجرؤوا على المطالبة بحقوقكم.”

شباب “جيل زد” خرجوا يصرخون لأن الواقع لم يترك لهم حتى حق التذمر. خرجوا لأن المدرسة انهارت، لأن المستشفيات صارت أبواباً للموت، لأن الشغل سراب، ولأن الأفق مغلق بإحكام. هؤلاء لم يخرجوا لإسقاط النظام.. بل لإسقاط اليأس.
لكن المخزن—وبمنطقٍ متعفنٍ عمره عقود—فضّل أن يُسقطهم هم بدل أن يسقط إخفاقاته.

أي عدالة هذه التي تحكم على قاصرٍ بسنواتٍ من عمره لأنه احتج؟
أي دولة تلك التي تتعامل مع الغضب الاجتماعي كما لو أنه مؤامرة دولية؟
وأي سلطة تلك التي تخاف من لافتة، وترتجف من هاتف يصور، لكنها لا ترتجف من انهيار التعليم والصحة والعيش الكريم؟

المخزن يعرف جيداً أن الكارثة الاجتماعية أكبر من قدرته على التحايل. ويعرف أن جيل اليوم ليس جيل الأمس، وأن من يملك هاتفاً وإنترنت وخبرة الهجرة في جيبه لن يخاف من شرطي أو قاضٍ أو محضر ضابطة. لذلك، لجأ إلى ما يجيده: القمع البارد المغلف بالقانون.

لكن الحقيقة أقبح من كل التبريرات:
المخزن لم يعد يقمع الاحتجاج.. بل يقمع الاحتمال.
الاحتمال المخيف بالنسبة له أن يتحوّل وعي الشباب إلى قوة تغيير.

حين تحكم على مجموعة شباب بــ10 و12 و15 سنة سجناً، فأنت لا تعاقبهم، أنت تعلن حرباً على مستقبل بلدك. وأنت تُثبت للعالم أن المغرب بلد يخاف شبابه أكثر مما يخاف فشله. بلد يطارد التلاميذ والطلبة بدل أن يطارد الفساد والنهب والريع.

ثم يأتي الإعلام التابع ليسوّق القصة كما يريدها المخزن: “مخربون”، “مشاغبون”، “اعتداء على أملاك الدولة”. وكأن الدولة التي عجزت عن بناء مدرسة أو مستشفى أصبحت فجأة تحبّ ممتلكاتها حدّ البكاء!

هذه الأحكام ليست عنفاً قضائياً فقط، بل فضيحة سياسية.
هي اعتراف غير معلن بأن المخزن غير قادر على مواجهة الأسئلة… فيختار مواجهة من يطرحها.
وهي إعلان خوف صريح من جيل كامل قرر أن يتكلم حين سكت الجميع.

لكن على المخزن أن يفهم أن السجن ليس حلاً.
وأن 117 سنة ليست عدداً… بل وصمة عار.
وأن جيل اليوم، مهما قُمِع، لن يعود إلى زمن الخوف.
لأن القمع قد يؤخر الانفجار… لكنه لا يمنعه.

والتاريخ علّمنا شيئاً واحداً:
الشعوب التي يُسجَن شبابُها… تكتب مستقبلها خارج أسوار الدولة.

رابط دائم : https://dzair.cc/3nnc نسخ

اقرأ أيضًا

×
Publicité ANEP
ANEP PN2500018