دهاليز التاريخ… ثورة السراويل   / بقلم سعيد عياشي

كحلوش محمد

كان يضم المعسكر الثوري إبان الثورة الفرنسية قوى اجتماعية مختلفة حدّ التناقض كان هناك  أصحاب السراويل الطويلة البروليتاريا الباريسية والفقراء الثوريون المتطرفون وذوي السراويل القصيرة البرجوازيون الثوريون المعتدلون ، دعا الأولون إلى موقف صارم وحازم من النظام القديم والى شكل اخر من الديمقراطية أقل نخبوية وأكثر شعبية مع المطالبة بالعدالة الإجتماعية ودعا الآخرون إلى ديمقراطية تمثيلية تضع السلطة بين أيديهم نيابة عن الشعب والى نظام اقتصادي حرّ دون قيود .

أصحاب السراويل الطويلة اتهموا من طرف مؤرخي الثورة الفرنسية بأنهم كانوا وراء المجازر الفظيعة التي ارتكبت ووراء مشاهد قطع رؤوس الأرستقراطين ورجال الكنيسة وأنهم تعاطفوا مع القمع الذي مارسه اليعاقبة روبسبيير وسامر جوست ضد الملكيين والجرونديين .

أصحاب السراويل الطويلة عارضوا فيما بعد تردد ورفض اليعاقبة ومن حولهم تطبيق سياسة اجتماعية عادلة وعارضوهم أيضا في محاولاتهم فرض دين حديد مؤسساتي يحل محل الكنيسة الكاثوليكية ( عبادة الكائن الأسمى) كما سماه روبسبيير .

خلافا لما يراه بعض المؤرخين في وصف القمع والإرهاب الذي مارسه اليعاقبة بأنه عنفا ثوريا فإنهم لم يرحموا أحدا من خصومهم حتى الأكثر إعتدالا ومنهم جاك هربر وغيره من قادة الثورة الذين مرّوا على مقصلة روبسبيير..

الإرهاب الذي مارسه اليعاقبة كان إرهابا مؤسساتيا ممنهجا عكس مجازر أصحاب السراويل الطويلة التي كانت تتسم بالعفوية في طقوس أملتها سياقات وظروف الهيجان الثوري التي كان الشارع مسرحا لها في لحظة هستيرية دموية ..

لم يسلم أحد من تلك الفوضى (عهد الإرهاب) سواء من اليمينين( الجرونديون) أو اليسار أتباع جاك هربرت أو الوسط ( الدونتونيون)…

ماكسيميليان دو روبسبيير المحامي الفرنسي أشهر قادة الثورة وأكثر الشخصيات تأثيرا في مجرياتها كان وراء إعدام أغلب زعماء الثورة فيما عرف بعهد الإرهاب 1793-1794 الذي حصد أرواح أكثر من 16ألف شخص ..

روبسبيير سيسقى من نفس الكأس التى سقى منها قادة الثورة الذين كان يراهم خصوما له أعتقل ونُفذ فيه حكم الإعدام بالمقصلة التي كانت تسمى مقصلة روبسبيير….. الثورة التي أكلت أبناءها.

هوامش:

طيلة 214سنة كان ارتداء السراويل من طرف السيدات الباريسيات محظورا طبقا لقانون من أيام الثورة الفرنسية وقد تم إثارة الموضوع سنة 2013 من طرف الوزيرة الفرنسية من أصول مغاربية نجاة فالود بلقاسم وزيرة حقوق المرأة والشباب وحُذف من التشريع فقرة عمّرت قرنين من الزمن تمنع لبس المرأة للسروال …

قانون الحظر هذا يعود الى سنة 1799 وتمّ الترخيص في حالات استثنائية لنساء باريس لبس السروال في حالة قيادة الدراجة أو ركوب الحصان في تعديل للقانون سنة 1892وتعديل ثاني سنة 1909..

الوزيرة الفرنسية أوضحت أن هذا القانون يتنافى مع المساواة بين المرأة والرجل والتى أقرها الدستور الفرنسي رغم أن هذا القانون لم يطبق منذ فترة طويلة إلا أنه يلحق الضرر بسمعة فرنسا بسب دلالته الرمزية … ألغي القانون  سنة 2013.

سنة 1969النائبة شارلوت ريد أصبحت أول امرأة ترتدي السروال في الكونغرس الأمريكي

سنة 1972سمحت الولايات المتحدة للطالبات بلبس السراويل بموجب العنوان التاسع من تعديلات التعليم الذي أُعلن بموجبه أن الفساتين لا يمكن ان تُطلب من الفتيات..

في سنة 1989 السيناتور كاليفورنيا  ريبيكا مورغان أول امرأة تقوم بارتداء  السروال في مجلس شيوخ ولاية أمريكية .

لم يسمح بلبس السراويل للنساء في مجلس الشيوخ الأمريكي حتى عام 1993..

عام 2012 سمحت الخيالة الملكية الكندية للنساء في صفوفها لبس السراويل مع زيهن الرسمي .

بقلم سعيد عياشي

شارك المقال على :

تابعنا

تابعنا على صفحاتنا في وسائل التواصل الاجتماعي
تصفح اخر الاخبار