دهاليز التاريخ … في ذكرى تأميم المحروقات بقلم / سعيد عياشي

كحلوش محمد

سي رشيد ثابتي الذي كان له الفضل الكبير والدور الأهم في نجاح عملية تأميم المحروقات المولود بقسنطينة سنة 1930التي عاش بها طفولته قبل أن ينتقل للعيش بفرنسا أين تحصل على شهادة الباكالوريا وبعدها شهادة ليسانس في الحقوق من جامعة السربون ، كان رياضيا مميزًا تألق في رياضة الملاكمة وأحرز لقب بطولة فرنسا للجامعيين وسباحاً بارزاً في تلك الفترة إلى جانب انخراطه في النضال السياسي في صفوف جبهة التحرير الوطني ، بعد الإستقلال شغل منصب سكرتير السفارة الجزائرية بباريس إضافة إلى ممارسته مهنة المحاماة هناك .

سي رشيد ثابتي صاحب المواهب المتعددة والحضور اللافت إلى جانب ممارسته لرياضة الملاكمة والسباحة دخل عالم التمثيل من باب مشاهد المجازفة التي كان بارعا فيها ولأناقته وشكله الجذاب وإتقانه لخمس لغات أجنبية تمكن من ولوج عالم الاشهارات والإعلانات بالتلفزيون الفرنسي لصالح كبرى الشركات الفرنسية مما أتاح له لاحقا الولوج بسهولة إلى كبرى الصالونات الباريسية التي كان يتردد عليها الفنانين والرياضيين البارزين وكبار رجال السياسة والوزراء والنخب.

عندما أمر الرئيس هواري بومدين رحمه الله قائد المخابرات الجزائرية قاصدي مرباح رحمة الله عليه بتكوين شبكات في الخارج تحتاج إليها البلاد عند الضرورة كلف نائبه المكلف بالأمن الخارجي يزيد زرهوني رحمه الله بالمهمة السرية ، فوقع اختيار يزيد زرهوني على رشيد ثابتي الذي كان يبلغ حينها 35 سنة لما يتمتع به من حسّ وطني وصلاته القوية بالنخب الباريسية.

قبِلَ سي رشيد المهمة دون تردد وكان له الدور الحاسم والفعّال في نجاح عملية تأميم المحروقات نجاحا باهرا فاجأ السلطات الفرنسية التي علمت بالأمر بعد فوات الأوان  وكلفه الأمر السجن لمدة فاقت 3 سنوات وأطلق سراحه في عملية مبادلة مع الجانب الفرنسي.

استطاع سي رشيد أن يصل إلى مكتب رئيس دائرة الشؤون الإقتصادية والمالية في وزارة الخارجية الفرنسية جون بيار بروني عن طريق سكريتيرته الخاصة بياتريس ومن خلالها كان يحصل على كل المعلومات والوثائق الخاصة بكل ما يتعلق بالجزائر بما فيها تلك المتعلقة بالاجتماعات التحضيرية للمفاوضات حول المحروقات.

وقد بلغ عدد الوثائق التي بعث بها سي رشيد إلى السلطات الجزائرية المختصة ما يزيد عن 4 آلاف وثيقة جعلت الطرف الجزائري يسيطر سيطرة تامة على هذا الملف خلال المفوضات مما أدخل الشك لدى السلطات الفرنسية  التي كثفت الرقابة الاستخباراتية على من بأيديهم الملف واكتشفت متأخرة الاختراق المزلزل الذي قام به سي رشيد قبل شهور فقط من إعلان الجزائر تأميم المحروقات وبعد أن ضمن مسعود زقار استعداد الشركات الأمريكية الحلول محل الشركات الفرنسية إذا حاولت عرقلة العملية وتوقيف الإنتاج والمغادرة وشل هذا القطاع الذي كان أكثر من حيوي للجزائر حينذاك…

سي رشيد ثابتي الذي وافته المنية وانتقل إلى جوار ربه سنة 2009 وحيدا بمنزله بالأبيار ولم يكن بجواره غير زوجته وابنه ….

رحم الله سي رشيد ثابتي واسكنه فسيح جناته

بقلم/ سعيد عياشي

شارك المقال على :