أهم ما جاء في حوار رئيس الجمهورية مع وسائل الإعلام

كحلوش محمد

أجرى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، اليوم الإثنين، لقاء صحفيا مع وسائل إعلام وطنية، استعرض خلاله التطورات التي تشهدها البلاد، وأجاب على الأسئلة التي طرحتها الصحافة والتي لامست انشغالات المواطنين اليومية.

واستغرب الرئيس الإشاعات التي تروج دون بينة، حيث طلب من الجميع التحري والتأكد من المعلومات المتداولة، وفي هذا السياق طمأن الرئيس الشعب على حالته الصحية، رغم ما مر به، إلا أن وضعه الصحي قد تحسن كثيرا.

وأكد عبد المجيد تبون، أنه خلال فترة علاجه كانت تصله أخبار عن الشعب الجزائري عبر مواطنين عاديين، وبتفاصيل دقيقة في أحيان كثيرة، ومعها انشغالاتهم حول وضعه الصحي، نافيا كل الشائعات المزعومة والمغرضة، والتي كانت تحركها دوائر ومواقع أجنبية.

وحول سؤال عن التغيير الحكومي الذي لم يكن عميقا كما وعد به سابقا، ولم يعكس تصريحات الرئيس وتلميحه بضرورة إحداث تغييرات على طاقمه الحكومي، أجاب الرئيس بأنها رغم ذلك مسّت انشغالات المواطنين المستعجلة، كما أنه أحجم عن إجراء تغيير حكومي جذري تحسبا للتشريعيات القادمة احتراما لاختيار الشعب الذي سيحدد معالم التشكيلة الحكومية على ضوء نتائج تصويته عليها.

وردا على خياراته في الحكومة السابقة قال رئيس الجمهورية أنها كانت مبنية على الوجوه الجديدة والكفاءات، إضافة إلى شخصيات من داخل الحراك، وقد أبدى بعضهم تحكما في أدائه الذي أظهر نتائج طيبة، في حين أن البعض الآخر وبسبب نقص الخبرة في تسيير الملفات الوزارية أخفق في الدفع بأداء دائرته الوزارية نحو الأمام، وهم الذين قام باستبعادهم وتغييرهم.

ونفى الرئيس تبون أن تكون المسيرات الأخيرة تشكل إزعاجا أو قلقا له، وقال أنه كان أول من نادى بفصل المال عن السياسة، فكان بذلك سباقا إلى الحراك قبل الجميع، ودفع ثمن مساعيه الحسنة حينما تمت إقالته من منصب الوزير الأول، وأكد الرئيس أن الموازين تغيرت كثيرا على مستوى النظام، الذي بات يأخذ طابعا مدنيا بعيدا عن الشعار المرفوع من بعض الجهات المغرضة والمشبوهة التي تستهدف تماسك المؤسسة العسكرية.

وصرح الرئيس بأنه ماض في تنفيذ التزاماته الـ 54، التي كان قد وعد بها في حملته للرئاسيات، وعلى رأسها حل البرلمان وحرية الجامعة ورؤسائها في ما يتعلق بالتوأمة والانفتاح على الاقتصاد وتطوير البحوث الجامعية، إضافة إلى رفع الأجر القاعدي وخفض الضرائب.

وشدد الرئيس على أن الجيش الجزائري ابتعد كليا عن السياسة، مشيرا إلى أن الجيش لم يعد يتواجد داخل مؤسسات الحكم أو في أجهزة الأحزاب كما كان سابقا، محذرا من أصوات ترفع شعارات تحاول أن تنال من الجيش ومهمته في حماية الوطن.

ورفض الرئيس بشدة تحليلات بعض الأوساط، التي تحاول تسويد صورة الاقتصاد الجزائري وزعمها بكونه يتجه نحو الانهيار، معترفا بانخفاض احتياط الصرف الأجنبي عند 43 مليار دولار، إضافة إلى مداخيل في حدود 24 مليار دولار، وهذا ما سيدفعه للتوجه نحو استيراد السلع الضرورية وعلى رأسها المواد الغذائية التي لا يتعدى حجمها 8 مليار دولار.

وطمأن تبون المواطنين أن الاقتصاد يتجه نحو الإندماج الوطني خاصة في قطاع الفلاحة وما يتعلق بصناعة وسائل السقي محليا، مركزا على ضرورة الابتعاد عن أدلجة الاقتصاد والبحث عن كل ما يفيد البلاد ويرفع من وتيرة تنميتها، طالبا من البنوك العمومية لا تتردد في المخاطرة في تمويل الاستثمارات، كون أن هذا الأمر لا مفر منه لدفع عجلة الاقتصاد الوطني.

وعن العفو الأخير الذي أصدره في حق سجناء الرأي، قال الرئيس أن هذا القرار الذي اعتبره البعض نابع من ضعف كان في صالح الوطن، مؤكدا أن أغلب المستفيدين من العفو الرئاسي كانوا قد حوكموا بقضايا سب وقذف وتجريح طالت مؤسسات الدولة، وأنه اتخذ هذه الخطوة لتهدئة الأجواء وتوفير شروط ملائمة لإجراء التشريعيات القادمة.

وبخصوص الانتخابات المقبلة أكد الرئيس أن قانون الانتخابات الجديد سيتجنب الثغرات التي خلفتها الممارسات السابقة، وعلى رأسها المال الفاسد الذي لا يزال مستشريا في المجتمع، إضافة إلى الجديد في هذا القانون الذي يتعلق بالنظام الانتخابي على أساس القائمة المفتوحة التي سيتيح المساواة لجميع المترشحين، كما أنها تلغي الممارسات الناتجة عن فكرة رأس القائمة الذي كان محل مزايدات وفساد.

ودعا الرئيس إلى تغيير الذهنيات والممارسات الاجتماعية، لكي يحدث تغيير حقيقي في الجزائر، مشيرا إلى أنه من المحتمل جدا أن الانتخابات التشريعية ستجرى في نفس الوقت مع الانتخابات المحلية، استجابة لاقتراحات العديد من الأحزاب السياسية.

وكشف الرئيس عن وجود ثورة مضادة بتواطؤ مع المال الفاسد وجهات مشبوهة في الداخل والخارج، مشيرا إلى أن غالبية من كانوا في الحراك ذهبوا إلى صناديق الاقتراع واصطفوا مع المسار الدستوري ورفضوا الأجندات المشبوهة ومجهولة المصير.

ودافع عبد المجيد تبون عن رموز الجمهورية، حيث نفى أنها تثير الاستفزاز أو تؤدي إلى التسلط، بل إن وجودها مهم للحفاظ على هيبة الدولة وسيادتها، منبها على ضرورة إشاعة العدالة الاجتماعية وإبعاد الفروقات والتمييز بين المواطنين.

وحول سؤال عن العلاقات الجزائرية الفرنسية وعلى رأسها ملف الذاكرة الذي لا يزال يراوح مكانه، كشف الرئيس أن العلاقات طيبة مع الجانب الفرنسي حيث أنها أتاحت إزالة التشنج والتوتر معه، محملا مسؤولية ذلك لوجود لوبي قوي يسعى لتوتير العلاقة مع الجزائر، ومشددا على تشبث الدولة بذاكرتها دون التلاعب والاتجار بها.

ونفى رئيس الجمهورية أن تكون الجزائر تخطط لإرسال وحدات من جيشها خارج حدودها، مثلما أشيع وحملته تصريحات الرئيس الفرنسي؛ بكون الجزائر ستوافق على إرسال قوات عسكرية إلى منطقة الساحل للقيام بعمليات عسكرية هناك.

وأكد الرئيس على أن الجزائر تستعيد عافيتها بعد الفتور الدبلوماسي الذي عرفته في الفترة السابقة، وهي تعول كثيرا على علاقاتها الوطيدة مع إفريقيا، كما أن علاقاتها تزداد متانة مع الولايات المتحدة والدول العربية والخليجية، مشددا على تمسك الجزائر بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.

أحمد عاشور

شارك المقال على :