دهاليز التاريخ: أشواك الذاكرة … / بقلم سعيد عياشي

كحلوش محمد

بنجامين (بنيامين )ستورا المؤرخ الفرنسي المعروف الذي أشرف على ملف الذاكرة المشتركة مع فرنسا بتكليف من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ممثلا للطرف الفرنسي واختار الرئيس عبد المجيد تبون مدير الأرشيف الوطني عبد المجيد شيخي ممثلا للطرف الجزائري ، بنجامين ستورا أحد أكبر وأشهر المؤرخين المتخصصين في تاريخ الثورة التحريرية المولود بقسنطينة سنة 1950 رحل الى فرنسا مع عائلته واستقر هناك دون أن يقطع صلته بمسقط رأسه ، أستاذ بمعهد اللغات والحضارات الشرقية بجامعة باريس حاصل على شهادة الدكتوراه عن أطروحته حول الزعيم مصالي الحاج رحمه الله تحت إشراف المؤرخ الكبير الراحل شارل روبير أجيرون وترأس لجنة مناقشتها الراحل المؤرخ المستشرق الفذّ جاك بيرك سنة 1978 .

ستورا كٌرم بوسام جوقة الشرف رتبة فارس سنة 2009 ووسام الإستحقاق الوطني رتبة ضابط سنة 2015 .

تعاون سطورا مع العديد من المؤرخين الجزائريين على غرار محمد حربي وأنجز العديد من الدراسات حول الحركة الوطنية وثورة نوفمبر وعن يهود الجزائر والهجرة الجزائرية إلى فرنسا وعن مسقط رأسه قسنطينة وتاريخ الجزائر بعد الإستقلال ( 1962-1988) كما له صلات وثيقة مع الجامعات الجزائرية ومع سلطات البلاد ونخبها ..

جاك بيرك الذي ترأس لجنة مناقشة أطروحة ستورا حول مصالي الحاج مولود بالجزائر سنة 1910( فرندة ولاية تيارت) التي كان والده حاكما إداريا بها  تلقى تعليمه بفرندة والجزائر العاصمة بعدها انتقل إلى السوربون لإتمام دراسته الجامعية ، انتخب أستاذ (كوليج دو فرنس) كرسي التاريخ الإجتماعي للإسلام المعاصر ثم مديراً للأبحاث بالمدرسة التطبيقية للدراسات العليا إلى أن تقاعد عام 1981.

جاك بيرك الذي يعتبر من أبرز المستشرقين في النصف الثاني من القرن العشرين كان مهتماً بالراهن العربي والأدب العربي المعاصر وكذا قضايا الإسلام المعاصرة وكان وراء انجاز ( مختارات الأدب العربي المعاصر ) بالفرنسية في ثلاث مجلدات ومن مؤلفاته كذلك الإسلام أمام التحدي ومذكرات من الضفتين والمغرب بين حربين ، وانتخب عضوا  في مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، جاك بيرك توفي سنة 1995 أهدى مكتبته الضخمة لمسقط رأسه فرندة وحرصت زوجته  بعد وفاته على تنفيذ وصيته ..

المؤرخ الفرنسي النزيه شارل روبير أجيرون المشرف على أطروحة بنجامين ستورا  رحل سنة 2008عن عمر يناهز 85سنة (ولد سنة 1923) كان صديقاً للجزائر وله عديد الزيارات إلى الجامعات الجزائرية وأشرف على العديد من أبحاث وأطروحات الطلبة الجزائريين منهم عبد الحميد زوزو .

شارل روبير أجيرون كان شاهداً على بشاعة الإستعمار الفرنسي وعايش مجازر 8ماي 1945 لما كان يؤدي خدمته الوطنية مما جعله يشحذ قلمه لفضح الممارسات الإستعمارية بموضوعية ونزاهة حتى وإن سجلنا وإختلفنا معه في بعض آرائه مثل تشكيكه في عدد شهداء مجازر 8ماي وعدد شهداء الثورة التحريرية ..

موضوعيته ونزاهته جلبت له العديد من المشاكل والمضايقات ولم يحظ بالتكريم الذي يستحقه إلا سنة 2000 خلال انعقاد ملتقى دولي بجامعة السوربون .

كتابه (الجزائريون المسلمون وفرنسا 1871-1919) قام المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة نوفمبر التابع لوزارة المجاهدين بترجمته ونشره سنة 2007 وقد نوّه الدكتور محفوظ قداش بموضوعية ونزاهة ما قدمه شارل روبير في هذا العمل كما ترجم الدكتور العربي ولد الخليفة رئيس البرلمان السابق الفصل 10و11من الكتاب ( الوهم القبائلي) ونشرها في كتاب خاص بسياسة فرّق تسد، هذا المنجز الذي هو في الأصل أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه  (1968) التى أشرف عليها الأستاذ الكبير شارل أندري جوليان، دون أن ننسى كتابه ( تاريخ الجزائر المعاصرة ) الذي ترجمه ونشره أيضاً ديوان المطبوعات الجامعية .

نجامين ستورا أنجز عمله الذي كُلف به وقدمه إلى الرئيس الفرنسي منذ أيام إذ تم استقباله من طرف ايمانويل ماكرون بقصر الإليزي بحضور الصحافة الفرنسية التي غطت الحدث في انتظار تقديم عبد المجيد شيخي لتقريره والعمل الذي كُلف به الرئيس عبد المجيد تبون …

بقلم / سعيد عياشي

شارك المقال على :