19 أكتوبر، 2025
ANEP الأحد 19 أكتوبر 2025

2.5 مليون مغربي يعيشون تحت عتبة الفقر.. مغرب الواجهة ينهار تحت أكاذيب المخزن

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
2.5 مليون مغربي يعيشون تحت عتبة الفقر.. مغرب الواجهة ينهار تحت أكاذيب المخزن

ها هو المخزن من جديد، يحتفل بانتصاراته الوهمية، ويُخرج من جيبه أرقامه “المعقمة” ليقنع العالم أن المغرب يسير نحو الازدهار. لكن خلف واجهات المهرجانات والقمم الدولية ومشاريع البهرجة، هناك بلد يغرق بصمت في الفقر واللامساواة.
العصبة المغربية لحقوق الإنسان كشفت ما يحاول المخزن دفنه تحت البساط: 2.5 مليون مغربي يعيشون تحت عتبة الفقر، و72% منهم في القرى، في بلد يدّعي “الريادة الإفريقية في التنمية”.

ما معنى أن يتراجع الفقر على الورق بينما تتسع الهوة بين قصور الملك محمد السادس المذهبة وأكواخ الطين؟ كيف يمكن لنظام يملأ الشاشات ببرامج “الحماية الاجتماعية” أن يفسّر استمرار الحرمان من التعليم والعلاج والسكن والعمل؟ الحقيقة أن الفقر في المغرب ليس حادثا اقتصاديا، بل سياسة ممنهجة. المخزن لا يحارب الفقر، بل يُعيد إنتاجه ويستعمله أداة للضبط والسيطرة. فكلما ازداد الفقراء عددا، ازدادت الدولة قوة على رقابهم.

منذ عقود، يتحدث المخزن عن “النموذج التنموي الجديد” وكأننا أمام مشروع وطني عظيم، بينما هو في الحقيقة مجرد ديكور لتجميل وجه نظام هرِم لا يعرف إلا التفاوت والاحتكار. القرى تُترك للموت البطيء، والمدارس تتحول إلى أطلال، والمستشفيات إلى مسالخ بشرية، في حين تُصرف المليارات على ملاعب كرة القدم والمؤتمرات الفارغة. أي منطق هذا الذي يُفاخر بـ”الاستقرار” في بلد يئنّ نصف شبابه تحت البطالة واليأس؟

البيان الحقوقي لم يأت من فراغ. إنه صرخة من داخل الواقع، يقول بصراحة إن الأرقام الرسمية لا تعبّر عن الحقيقة. حكومة الملك تتحدث عن انخفاض الفقر من 11.9% إلى 6.8%، لكن الواقع يشهد بعكس ذلك: الأسعار تشتعل، الخدمات تنهار، والقدرة الشرائية تتبخر. أما في القرى، فالحياة تُدار بمنطق البقاء لا بمنطق المواطنة. هناك مغاربة يعيشون في القرن الواحد والعشرين بلا طرق ولا مدارس ولا مياه شرب، فهل يُعقل هذا؟

في جوهر المسألة، المشكلة ليست في المال بل في الإرادة. المخزن لا يريد عدالة اجتماعية، بل استقرارا على مقاسه. يريد شعبا صامتا، منهكا، يتلقى المساعدات كمنّة لا كحق. يريد أن يُبقي المواطن المغربي في موقع المتسوّل، لا في موقع صاحب الحق. لهذا تُستخدم لغة “الإحسان” بدل “التمكين”، والصدقات بدل السياسات. كل شيء مصمم ليبقى الفقير فقيرا، والغني أكثر غنى، والدولة المخزنية فوق المساءلة.

المغاربة لا يطلبون المستحيل. يريدون فقط كرامة، مدرسة محترمة، مستشفى لا يذلّهم، عملا لا يقتلهم. لكن يبدو أن الكرامة في قاموس المخزن جريمة، وأن من يطالب بها يهدد “الاستقرار”. هكذا تُختصر البلاد: أرقام تُجمّل القبح، وخطابات تُخدّر الألم، وسلطة تعتبر الفقر نعمة لأنها تمنحها مزيداً من الطاعة.

في النهاية، يمكن للمخزن أن يزوّر الأرقام كما يشاء، لكن لا يمكنه أن يُخفي الحقيقة: هناك مغرب آخر، حقيقي، جائع وغاضب، بدأ يستيقظ.

رابط دائم : https://dzair.cc/pt3p نسخ