نحو استنفاذ الصفحات الأخيرة من الدستور…لكن ماذا بعد ؟ بقلم/ الدكتور رضوان بوهيدل

مروان الشيباني

قراءات ساذجة…
بقلم الدكتور رضوان بوهيدل
نحو استنفاذ الصفحات الأخيرة من الدستور…لكن ماذا بعد ؟

من الواضح أن هناك انسداد سياسي كبير تعيشه الجزائر اليوم، في مجالات متعددة، و ذلك في طريق البحث عن مخرج أو مخارج للأزمة، و هو ما يوحي أيضا أن كل الأطراف المتحكمة في زمام السلطة اليوم، تقوم هذه الأيام بالتسريع في استنفاذ ما تبقى من مواد دستورية قبل الانتقال إلى مرحلة جديدة من البحث عن الحلول السياسية، و التي قد تطول و قد تعرف اختلافات في الرؤى و خلافات في اختيار الحل الأصوب…

من الواضح أن المؤسسة العسكرية متمسكة بالخيار الدستوري لآخر لحظة و آخر مادة و حتى لآخر صفحة من الدستور الحالي، و هذا بكل مساوئه و ثغراته و ألغامه، و من الواضح كذلك، أن خيار الانتقال إلى الحلول السياسية بدأت ملامحه تظهر جليا، سويعات فقط قبل أن يعلن المجلس الدستوري عن غلق آجال إيداع ملفات الترشح، و الذي يمكن اعتبار خطوة وجود مرشحين من عدمه أمام البوابة الكبرى للمجلس الدستوري حدثا محوريا في القرارات التي ستتخذ بعد ذلك…

الخارطة الحزبية في الجزائر ستشهد، من جهتها، تغيرا كبيرا في المرحلة القادمة، لاسيما بعد أن تمكن الحراك الشعبي من القضاء على مستقبل عدد كبير من هذه الأحزاب، مباشرة بعد 22 فيفري الماضي، فيما تحاول الأحزاب الكبرى المقاومة بشتى الطرق (بما فيها الشكارة و الكادنة)، قبل ظان تلفظ أنفاسها الأخيرة…

حالة الموت الإكلينيكي الذي تعيشه الساحة السياسية، قد يدفع بالمؤسسة العسكرية بأن تلعب دورا أكثر مباشرة، بعد استنفاذ المسار الدستوري، كأن يكون لها أسبقية طرح “الإعلان الدستوري المؤقت” الذي قد يمكن الجزائر من تجاوز مرحلة الخطر، و الذهاب في أول خطوة نحور التغيير الحقيقي بعد استنفاذ التسعون يوما الدستورية، و ذهاب الوجوه التي يرفضها الشعب لتنظيم أي موعد انتخابي لاحق…و بإمكان تأجيل الانتخابات دستوريا أيضا، ببساطة لان الشعب لا يريدها بهذه الطريقة، و ذلك استنادا غلى المادة 12 من الدستور و التي تتحدث عن الإرادة الشعبية…كما يمكن أن نتفاجأ باستقالة كل المرفوضين و خلق حالة من الفراغ الذي يستدعي بالضرورة العمل بحلول سياسية للخروج من الفراغ…

حالة من التخبط الداخلي تعرفه معظم الأحزاب الكبيرة و الفاعلة، و هو ما استدعى بالسلطة الحالية بالترخيص لعدد جديد منها بالمضي قدما لطرح برامجها و تشكيلتها و ربما مرشحيها…أحزاب قديمة تقاوم من اجل البقاء و ضعيفة تحاول استغلال الفرصة لتبرز و إن كان على حساب الحراك الشعبي و أخرى غير موجودة تعيش مخاضها عسى أن لا تلد فأران تميع بها الساحة السياسية…

لا بوادر لوجود انتخابات رئاسية، في ظل غياب قسري لكل الأحزاب و الشخصيات الوطنية في الشارع و الإعلام…فقد تعودنا على تلك الومضات الإشهارية التي تحدنا على الاقتراع في مختلف المناسبات…و تعودنا على حملات انتخابية مسبقة يتم من خلالها تقديم مدراء الحملات و المكلفين بالإعلام لعدد من المترشحين المفترضين…و لا عمليات ترويجية عبر التلفزيونات و الجرائد و مواقع التواصل الاجتماعي لمتسابقي الرئاسيات…لا بوادر حتى من السلطة لوجود انتخابات بعد حوالي أكثر من شهر بقليل …

الذهاب إلى مقر المجلس الدستوري لإيداع ملفات الترشح من طرف المعنيين، يعتبر مخاطرة كبرى، كما أننا يجب الاعتراف أن عدم الذهاب هو مخاطرة بالنسبة للمستقبل السياسي للمترشحين المتوقعين، سواء كانوا أحزابا أو شخصيات وطنية حرة….فإيداع ملفات الترشح يعني
و السؤال المطروح اليوم، هل نحن بحاجة لمن يقود مرحلة انتقالية أم من يقود الجزائر ؟ هل الجزائر بحاجة لرئيس الجمهورية أم لرئيس انتقالي ؟ من ستكون له الشجاعة لمجابهة إرادة الحراك و الذهاب إلى المجلس الدستوري ؟

الورقة الدستورية الأخيرة هي محاولة السلطة استعادة ثقة الشعب من خلال اللجنة التي ستشرف على الانتخابات المقبلة، مهما كان تاريخها، و الرهان كبير على هذه اللجنة، حيث يعتبر تشكيلها و اختيار أعضائها أهم تحدي قد يواجه أصحاب المبادرة…و الأهم في هذه الورقة هو الوصول إلى إقناع الشعب أن هذه الهيئة ستضمن النزاهة و الشفافية و و و …و هي مهمة صعبة لصانعي اللجنة اليوم…و صياغة جيدة و مقنعة لإطارها القانوني، الذي من المتوقع أن يسحب كل الصلاحيات من بقية الفاعلين، بما فيهم بدوي و حكومته و كذا ولاة الجمهورية و بلدياتها و حتى بن صالح…

غدا لناظره قريب، و إن لم نصل إلى ورقة طرقة مستخرجة من طرح الجيش و الإبراهيمي في ورقة واحدة، بلا يمكن ان نلوم من سيتقد إلى هيئة كمال فنيش لإيداع ملفه للترشح لمنصب رئيس الجمهورية…

في حالة عدم تقدم ولا شخص، و هو أمر مستبعد جدا، يمكن للمجلس أن يصدر لاحقا فتوى دستورية يحدد فيها التاريخ الجديد الانتخابات الرئاسية ما بعد 4 جويلية…مبررا أسباب التاجيل…

شارك المقال على :