العلمة ولاية.. حلم في حضرة قطب تجاري يكابد أبناؤها من أجله الأزمات 

مروان الشيباني

تعتبر مدينة العلمة أكبر قطب تجاري جزائري نشط رغم هشاشة الوضع الاقتصادي، وعرقلة الاستيراد و الأزمة التي لاحقت تجار المدينة والإفلاس الذي داهم تجارها البسطاء بين عشية و ضحاها، حيث أنها تعتبر عاشر أكبر منطقة نشاط تجاري عربيا، تتربع على مساحة كبيرة و أحياء سكانية كبرى لتنافس العديد من المدن الجزائرية في كل المؤهلات الاقتصادية و الاجتماعية و الإدارية و الأكاديمية.

ويراود دائرة العلمة حلم في أن تصبح ولاية، و هو ما أزعج الكثير من الجهات التي عملت من أجل كبح هذا المشروع الذي كافحت من أجله جهات جمعوية و إعلامية، وقد بدأ يتلاشى في حضرة البيروقراطية الحكومية، بل و دفع بعض السلطات الولائية و الجهات الكواليسية لوضع مدينة العلمة في أزمات و إحراجها تجاريا و اقتصاديا و حتى رياضيا، لأن صعود النادي الذي يمثل صرخة أبناء المدينة يجعل قضية جعلها ولاية أمرا ضروريا، لأن مولودية العلمة كانت و مازالت البرلمان الذي يحمل صرخة و طموحات أبناء المدينة.

وفي الوقت الذي وصل حلم الولاية إلى الثلث الأخير و صار وزير الداخلية قاب قوسين على أن يضمها لقائمة الولايات الجديدة، سارعت جهات كثيرة لها أهداف شخصية بل حتى أن المتطفلين في انكسارات المدينة و المتضللين تحت جراحاتها الاقتصادية و أدخلوها في أزمة سكن و خلقوا لها صراعات داخلية حتى صارت السلطات المحلية للمدينة تجد نفسها بين المطرقة و السندان في حضرة قطب اقتصادي يعاني أبنائه البطالة و أزمة السكن و مشاكل النقل و غياب خدمة التاكسي و هشاشة الطرق و فوضى في الأحياء، و أدخلها أعداء حلم الولاية في سيناريو الجرائم و نشر مغالطات المخدرات و الانتحار، و كلها مسرحيات من أجل تدنيس قميص ناصع البياض هو مدينة العلمة، مدينة لو تحدثنا عن تاريخها لجعلناها إمبراطورية و لو تحدثنا عن شهدائها و أبطالها لسميناها المدينة الأرملة أم الشهداء، و لو تحدثنا عن الدين فيها لسمينها مكة الشرق الجزائري و لو تحدثنا عن كرم أهلها لسميناها مدينة دار الضياف و لو تحدثنا عن أول يوم شيد فيه مسرح العلمة سنة 1923 و مضينا حتى القرن الواحد و العشرين لسميناها العلمة أم الفنون.

إن الواقع مر و ولاية سطيف تحب دوما أن تتبختر بملابس غيرها في حضرة مدينة استحقت التتويج بالولاية، لتضع تاجها على رأسها لا أن تحمله مثل الذنب. لقد ضاع أبنائها جنب ثراء مدينتهم و باتوا في الضيق و العراء و مدينتهم قصر المساكن و الديار، و راحت أموالهم لأصحاب الفيستات و هم يشتكون البطالة، واقع مر و حلم مكسور تعانيه سيدة الشرق مدينة العلمة التي يعرفها تجار العرب و الشام بتجارتها و كرم أهلها مدينة بكامل عتاقتها و طهارتها و قوامها ظلت تكابد التطفل البيروقراطية و تعيش بين عين القلم و خد ورقة كي تصبح ولاية في انتظار أن يكون وزير الداخلية سعيدا ليمضى على نسخة كي تصبح مدينة العلمة ولاية، فبيعت عقاراتها للغرباء و شيدت مساكنها للمرتحليين و صارت بقرة الأيتام يرضعها الذئب.

أما عن ممثليها في البرلمان فإنهم مثل الخسوف لم يظهر لهم أفق، و لم ينكشف عنهم ضباب، حتى هواتفهم تعاني مشكلة في الرنين و الاهتزاز بعدما ماتت قلوبهم اتجاه مدينتهم فلا يرن القلب لزقاق طفولتهم و لا يهتز للمساء الجميل في مدينتهم، اغتالتهم الفيستات البروتوكولية فنسوا أنفسهم أن الوصول إلى تمثال مسعود زغار يكشف كيف يخذلون الرجال و الأبطال بعدهم، و كيف يتذكرونهم في المناسبات و كيف تخان مدينة رجل قدم حياته من أجل الوطن، مدينة يرتحل عندها الراحل هواري بومدين فيحرص للراعي قطيعه لأنها مدينة الكرم.

سعيداني فوزي

شارك المقال على :