27 أغسطس، 2025
ANEP الأربعاء 27 أوت 2025

إلغاء التحفظ على اتفاقية سيداو تحصيل حاصل… مساهمة أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر 01 حمزة خضري

نُشر في:
بقلم: أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر 01 حمزة خضري

مساهمة أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر 01، والمحامي المعتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة حمزة خضري

كان الشعب الجزائري قد صادق على التعديل الدستوري لسنة 2020، والذي تضمن عدة مواد تكرس المساواة في الحقوق و الواجبات بين الرجل و المرأة، من بينها نص المادة 37 التي جاء فيها : أن المواطنين سواسية أمام القانون ولا يمكن التمييز بينهم على أساس الجنس، وفي السياق نفسه نصت المادة 40 من هذا الدستور على أن تحمي المرأة من كل أشكال العنف لا سيما في الفضاء العمومي والمهني، وأخيرا أكدت المادة 49 على أن كل مواطن يتمتع بالحقوق المدنية والسياسية له أن يختار بكل حرية موطن إقامته، وأن ينتقل بكل حرية في التراب الوطني دون أن تميز هذه المادة بين الرجل و المرأة.

وعليه فإن رفع التحفظ على المادة 15 فقرة 04 من اتفاقية سيداو، التي تنص على حرية اختيار مقر الإقامة وحرية التنقل للمرأة أصبحت من باب التحصيل الحاصل لأن الدستور الجزائري ينص على هذين الحقين، وهو الدستور الذي تمت المصادقة عليه بعد استفتاء شعبي في الفاتح من نوفمبر 2020.

إن بعض التفسيرات لهذا الإجراء التي صدرت عن بعض المواطنين و الأحزاب السياسية، والتي تتخوف من مساس هذا الإجراء بالأسرة الجزائرية، مردود عليه في تقديرنا بأن المحافظة على نظام الأسرة وعلى الأخلاق العامة يكون من خلال عملية التنشئة الاجتماعية التي ترافق الفرد منذ الولادة إلى غاية النضج، وهي العملية التي ينبغي أن تعمل على زرع القيم النبيلة الفردية والجماعية في الفرد حتى يكون مواطنا سويا ومتخلقا ومنتجا سواء كان ذكرا أو أنثى، و بالتالي فإن المحافظة على تماسك الأسرة وعلى الأخلاق الجماعية والفردية لا يعود البتة إلى تمتع الفرد بالحقوق والواجبات، وإنما يعود إلى التنشئة الاجتماعية.

وبخصوص ربط إلغاء التحفظ على المادة 15 فقرة 04 من اتفاقية سيداو بالدين الإسلامي، فأعتقد أن هذا من أكبر المغالطات التي عجت بها فضاءات التواصل الاجتماعي، لأن هناك فرق كبير بين موقف الإسلام من حقوق من المرأة و موقف الإسلام السياسي من هذا الموضوع.

فالإسلام لاشك أنه كرم المرأة و منحها كافة حقوقها الفردية و الجماعية و أني لست مؤهلا لتبيان مكانة المرأة في الإسلام بحكم التخصص، في حين مازال الإسلام السياسي عاجزا على تقديم نموذج موحد لحقوق المرأة وواجابتها، إذ يقدم الإسلام الحركي نموذجا يزعم أنه النموذج الذي يعبر حقيقة عن مكانة المرأة في الإسلام لاسيما في مادة الحقوق والواجبات، في حين يقدم ما يسمى نفسه بالإسلام السلفي نموذجا مخالفا للأول، ويزعم أنه النموذج الإسلامي الحقيقي، ومن ثم فإن مصداقية الطرفين نسبية ومشكوك فيها، ولا يمكن أن تعبر عن حقيقة مكانة المرأة في الإسلام.

وأعتقد أن من بين التحديات التي تواجه هذا الإلغاء للتحفظ على نص المادة 15 فقرة 04 من اتفاقية سيداو هي مدى مرور الجزائر إلى تعديل قانون الأسرة الجزائري تطبيقا وتنفيذا لهذا الإلغاء، لأن الدستور الجزائري ينص صراحة على أن الاتفاقيات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية تسمو على القانون، وكما هو متعارف فإن قانون الأسرة ينص على إقامة الزوجة في مسكن الزوجية و هو مسكن الزوج وليس مسكن الزوجة، و هو ما يختلف على مضمون المادة 15 فقرة 04 من اتفاقية سيداو التي تمنح المرأة الحرية في اختيار مقر الإقامة.

وهنا أعتقد جازما أن المشرع الجزائر سيبقي على النمط التقليدي لإقامة الزوجة التي ترتبط بإقامة الزوج لأن هذا الأمر مرتبط بنظام ديني واجتماعي متجذر في وجدان الإنسان الجزائري.

مساهمة أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر 01، والمحامي المعتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة حمزة خضري

رابط دائم : https://dzair.cc/1get نسخ