5 سبتمبر، 2025
ANEP الجمعة 05 سبتمبر 2025

احتجاجات في جنازة والد ناصر الزفزافي: غضب حراك الريف يتأجّج من جديد ومشاهد البدايات في 2016 تعود إلى الواجهة

تم التحديث في:
بقلم: أحمد عاشور
احتجاجات في جنازة والد ناصر الزفزافي: غضب حراك الريف يتأجّج من جديد ومشاهد البدايات في 2016 تعود إلى الواجهة

شهدت مدينة الحسيمة المغربية، معقل حراك الريف، مشاهد مشحونة خلال جنازة أحمد الزفزافي، والد أيقونة الحراك ناصر الزفزافي، حيث اندلعت مشادات بين المشيعين وأجهزة الأمن المخزنية التي فرضت طوقاً مشدداً حول المكان. وقد تحولت لحظة الوداع الأخيرة إلى مناسبة سياسية بامتياز، أعادت إلى الأذهان روح الاحتجاج التي هزت المنطقة منذ 2016، حين خرج الآلاف مطالبين بالكرامة والعدالة الاجتماعية والتنمية.

الجنازة التي حضرها المئات من أبناء الريف لم تخلُ من مظاهر التحدي، إذ رفع البعض شعارات تستحضر مطالب الحراك وتندد بالاعتقالات التي طالت رموزه وعلى رأسهم ناصر الزفزافي المحكوم بالسجن لعشرين سنة. وجود قوات القمع المخزني الكثيفة ومحاولاتها فرض الصمت والانضباط على المشيعين أجج التوتر، ما أدى إلى اندلاع مشادات لفظية وأحياناً جسدية بين بعض المواطنين وعناصر الأمن.

رمزية أحمد الزفزافي كأب وصوت للحراك

الراحل أحمد الزفزافي لم يكن مجرد والد لناصر، بل لعب دوراً محورياً خلال سنوات الحراك، إذ تحول إلى رمز للتضامن العائلي والإنساني مع المعتقلين وأسرهم. ظهوره المتكرر في وسائل التواصل وتنديده بظروف اعتقال ابنه وباقي النشطاء جعلاه صوتاً بديلاً عنهم في الساحة، ما أكسبه مكانة خاصة لدى أبناء الريف الذين شيعوه بحزن عميق ووعي سياسي متجدد.

ورغم مرور سنوات على قمع الحراك وإصدار أحكام قاسية في حق قادته، إلا أن جنازة أحمد الزفزافي أظهرت أن جذوة الغضب لم تخمد في الريف. فالشعارات التي ارتفعت والاحتجاجات العفوية أكدت أن الأزمة الاجتماعية والسياسية في المنطقة ما زالت قائمة، وأن سياسات التهميش والاعتقالات لم تفلح في إسكات المطالب، بل على العكس، فقد عززت لدى شريحة واسعة شعوراً بالظلم والإقصاء.

رسائل سياسية واضحة

المشهد الذي رافق الجنازة حمل عدة رسائل سياسية تمثلت في أن الريف لم يطوِ بعد صفحة الحراك وأن المطالب القديمة ما زالت قائمة، كما أن سياسات نظام المخزن القائمة على المقاربة الأمنية بدل تحقيق المطالب لم تؤدِّ إلا إلى مزيد من التوتر، بالإضافة إلى أن قضية المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم ناصر الزفزافي، تظل ملفاً ثقيلاً يقض مضجع السلطة.

وتأتي هذه الأحداث في وقت يواجه فيه المغرب تحديات اجتماعية واقتصادية خانقة، مع ارتفاع نسب البطالة والفقر، واحتقان متزايد في مختلف الجهات. غير أن الريف يظل حالة خاصة، حيث يتقاطع التهميش التاريخي مع الذاكرة الجماعية لسنوات القمع، ما يجعل أي حدث، حتى لو كان جنازة، يتحول إلى مناسبة لإعادة بعث روح المقاومة.

لقد تحولت جنازة أحمد الزفزافي إلى ما يشبه استفتاءً شعبيًا مصغرًا على استمرار الحراك الرمزي في الذاكرة الجماعية للريفيين. وما بدا كمناسبة حزينة خاصة، انكشف كحدث سياسي بامتياز، ليفضح هشاشة المقاربة الأمنية لنظام المخزن ويعيد إلى الواجهة ملفاً ما زال مفتوحاً رغم محاولات طيه بالقوة.

إن صدى هذه الجنازة يذكّر بأن الريف لا يزال ينزف وأن ملف الزفزافي ورفاقه مرشح للبقاء عنواناً مركزياً للاحتجاج ما لم ينخرط المغرب في معالجة جذرية تستجيب لتطلعات الريفيين في الحرية والاستقلال والكرامة.

رابط دائم : https://dzair.cc/gjry نسخ