8 سبتمبر، 2025
ANEP الاثنين 08 سبتمبر 2025

استثناء الرّيفيين من العفو الملكي.. لماذا يصر المخزن على إبقاء شباب الحراك خلف القضبان؟

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
استثناء الرّيفيين من العفو الملكي.. لماذا يصر المخزن على إبقاء شباب الحراك خلف القضبان؟

استثناء معتقلي حراك الريف من العفو الملكي يسلط الضوء مجددًا على أحد أكثر الملفات الحقوقية حساسية في المغرب، ويكشف عن منطق الانتقام الذي ما يزال يطبع تعامل المخزن مع المنطقة وأبنائها.

ففي لقاء نظمته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط، مساء السبت الماضي، أكدت سعاد البراهمة، عضو مكتبها المركزي، أن قضية معتقلي حراك الريف وكافة المعتقلين السياسيين ما تزال تمثل جرحًا مفتوحًا في مسار العدالة والحقوق والحريات بالمغرب، مشددة على أن الإفراج عنهم يتطلب إرادة سياسية حقيقية لإنهاء هذا الملف الممتد منذ سنوات.

واعتبرت البراهمة أن استمرار اعتقال شباب الحراك لا يخدم صورة المغرب ولا استقراره، بل يفاقم مناخ الإحباط ويعمق الاحتقان الاجتماعي، محذرة من تداعيات هذا التعنت على ثقة المواطنين في المؤسسات. وأبرزت أن استثناء معتقلي الريف بشكل متكرر من قرارات العفو يمثل ظلمًا مضاعفًا ورسالة سلبية إلى الرأي العام، إذ يعكس غياب مقاربة تصالحية ويكرس الإحساس بالتمييز تجاه منطقة ظلت لعقود تعاني من الإقصاء والتهميش.

وبعد مرور قرابة ثماني سنوات على اندلاع احتجاجات الريف بين عامي 2016 و2017، ترى الجمعية أن الملف لم يعد يقتصر على مجموعة من المعتقلين، بل أصبح قضية عدالة اجتماعية وحقوق إنسان بامتياز. فقد خرج شباب المنطقة حينها للمطالبة بأبسط الحقوق الأساسية، من رفع العسكرة المفروضة على المنطقة منذ 1958، إلى إنشاء جامعة ومستشفى متخصص لعلاج السرطان، وهو المرض الذي ما يزال يحصد أرواح العشرات من أبناء الريف، وآخرهم والد ناصر الزفزافي، أبرز قادة الحراك.

غير أن المخزن اختار، بدلًا من الاستجابة لهذه المطالب المشروعة، نهج المقاربة الأمنية القائمة على الاعتقالات والمحاكمات الثقيلة، حيث صدرت بحق بعض النشطاء أحكام وصلت إلى 20 سنة سجنًا نافذًا. ويأتي هذا في وقت أكدت فيه البراهمة أن احتجاجات الريف كانت سلمية بالكامل، استخدمت أشكالًا حضارية من التعبير طيلة شهور، ولم تشهد أي انزلاقات أو مظاهر عنف.

كما ذكّرت البراهمة بأن الفساد المستشري في المنطقة كان دليلًا على صحة ما ناضل من أجله المحتجون، خاصة بعدما تمت إقالة مسؤولين نافذين ووزراء كانوا مكلفين بتنفيذ مشروع “المنارة المتوسط” في أواخر 2017. وأشارت إلى أن هذا الفشل في التنمية يعكس عمق الأزمة البنيوية التي يعيشها المغرب، حيث يظل الريف نموذجًا صارخًا لغياب العدالة المجالية والاجتماعية.

اللقاء الذي نظمته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان جاء أيضًا في سياق حملة دولية واسعة يقودها نشطاء وفاعلون حقوقيون للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، وهو ما يمنح القضية بعدًا إنسانيًا ودوليًا متجددًا. وخصّت البراهمة بالذكر الوضع الصحي لناصر الزفزافي، الذي لم تشفع له مناشدات متكررة للإفراج عنه، حتى في اللحظات الأخيرة من مرض والده.

وبين تعنت نظام المخزن وإصرار المجتمع المدني على الترافع من أجل الحرية، يظل ملف معتقلي الريف شاهدًا على غياب إرادة سياسية في طي صفحة الانتهاكات، وعلى عجز السلطة عن التعامل مع الاحتجاجات الشعبية بمنطق الإصلاح بدل القمع. هذا الإصرار على استثناء المعتقلين من أي انفراج حقوقي يعمق الهوة بين الدولة والمجتمع، ويجعل من مستقبل الاستقرار رهينًا بمدى استعداد المخزن لتغيير نهجه في التعاطي مع المطالب المشروعة للريفيين.

رابط دائم : https://dzair.cc/ddl7 نسخ