الأحد 21 ديسمبر 2025

اعتقال أستاذة يشعل الشارع التعليمي في المغرب: نزهة مجدي تتحول إلى رمز لتجريم الاحتجاج ضد حكومة المخزن

نُشر في:
اعتقال أستاذة يشعل الشارع التعليمي في المغرب: نزهة مجدي تتحول إلى رمز لتجريم الاحتجاج ضد حكومة المخزن

أعاد اعتقال الأستاذة نزهة مجدي، على خلفية مشاركتها في احتجاجات قطاع التعليم المطالِبة بإسقاط مخطط التعاقد، إشعال فتيل الغضب داخل الأوساط التعليمية والحقوقية في المغرب، كاشفًا من جديد عن التوتر المتصاعد بين الدولة والحركات الاجتماعية، وعن الكلفة الحقوقية التي يدفعها المحتجون مقابل الدفاع عن مطالب مهنية واجتماعية مشروعة.

فمع شروع السلطات في تنفيذ عقوبة سجن مدتها ثلاثة أشهر في حق مجدي، توالت دعوات الاحتجاج من نقابات تعليمية وتنسيقيات مهنية، اعتبرت أن ما جرى لا يمكن فصله عن سياق أوسع يتسم بتضييق ممنهج على الحق في الاحتجاج السلمي، وتحويل الفعل النقابي والمطلبي إلى موضوع للمتابعة والزجر القضائي. التنسيق النقابي الخماسي بقطاع التربية الوطنية وصف الاعتقال بأنه “سير في الاتجاه المعاكس” لحق دستوري يفترض أن يكون مكفولًا، محذرًا من تداعياته على استقرار المنظومة التربوية وصورة المدرسة العمومية.

الاحتجاجات المعلنة، من وقفات داخل المؤسسات التعليمية إلى تحركات أمام المديريات الإقليمية ومحاكم الاستئناف، تعكس حجم الاحتقان داخل القطاع، كما تكشف أن ملف التعاقد لم يُطوَ اجتماعيًا ولا سياسيًا، رغم محاولات تطويقه إداريًا. فبالنسبة لعدد من الفاعلين، لم يعد الأمر يتعلق فقط بأستاذة معتقلة، بل برسالة ردع موجهة إلى عموم رجال ونساء التعليم، مفادها أن سقف الاحتجاج مسموح به ما دام لا يلامس جوهر السياسات العمومية المفروضة.

دخول حركة “جيل زد” على خط القضية، وإعلانها دعم احتجاجات أساتذة التعاقد، أضفى على الملف بعدًا شبابيًا وحقوقيًا أوسع، يربط بين الدفاع عن المدرسة العمومية وحرية التعبير والاحتجاج السلمي. وهو ربط يعكس تلاقيًا متزايدًا بين نضالات فئوية وحركات شبابية ترى في تكرار الاعتقالات مؤشرًا على أزمة ثقة عميقة بين المخزن وجيل جديد يشعر بأن القنوات المؤسساتية لم تعد قادرة على استيعاب مطالبه.

في السياق ذاته، أثار تضامن “مجموعة نساء شابات من أجل الديمقراطية” مع نزهة مجدي، ومع المدونة والناشطة سعيدة العلمي، بُعدًا آخر للقضية، يتمثل في ما وصفته بـ“العنف المؤسساتي المسلط على النساء المناضلات”. فالأحكام الصادرة، بحسب المجموعة، لا تعكس فقط تضييقًا على الحريات، بل تكشف أيضًا عن استخدام القانون كأداة لترهيب النساء اللواتي يخضن معارك اجتماعية وسياسية، في تناقض صارخ مع الدستور والالتزامات الدولية للمغرب.

وتتقاطع هذه التطورات عند نقطة واحدة: تصاعد منسوب تجريم النضال السلمي، وتنامي الإحساس بأن منظومة المخزن تفضّل المقاربة الزجرية على الحوار الاجتماعي الحقيقي. فبدل معالجة جذور الأزمة التعليمية، المتمثلة في الهشاشة المهنية، وضعف المدرسة العمومية، واستمرار الاحتقان داخل القطاع، يجري اللجوء إلى القضاء لضبط الشارع وإخماد الأصوات المزعجة.

قضية نزهة مجدي، إذن، لم تعد مجرد ملف قضائي معزول، بل تحولت إلى مرآة تعكس وضع الحريات النقابية وحرية الاحتجاج في المغرب. ومع اتساع رقعة التضامن والاحتجاج، يظل السؤال المطروح: هل تراهن سلطات المخزن على إنهاك الحركات المطلبية عبر الاعتقال، أم أن هذه المقاربة لن تؤدي إلا إلى تعميق الاحتقان، وإعادة إنتاج الأزمات نفسها بأشكال أكثر حدّة واتساعًا؟

رابط دائم : https://dzair.cc/szfa نسخ

اقرأ أيضًا