الاثنين 04 أوت 2025

الإعلام الإسباني يتحدث عن “إمكانات هائلة”: إسبانيا تستعيد عافيتها التجارية مع الجزائر في وقت قياسي بعد الحظر

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
الإعلام الإسباني يتحدث عن “إمكانات هائلة”: إسبانيا تستعيد عافيتها التجارية مع الجزائر في وقت قياسي بعد الحظر

كشفت صحيفة “إل إنديبندينتي” الإسبانية أن التجارة بين إسبانيا والجزائر استعادت زخمها. فبعد أكثر من عامين من الشلل الناجم عن الأزمة الدبلوماسية التي أثارها تراجع حكومة سانشيز في موقفها بشأن نزاع الصحراء الغربية، عادت الصادرات الإسبانية إلى مستويات ما قبل الأزمة. بين يناير ومايو 2025، نمت مبيعات المنتجات الإسبانية إلى الجزائر بنسبة 162% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا لبيانات التجارة الخارجية الإسبانية الرسمية. وبرقم أعمال قدره 900 مليون يورو، مشيرة إلى أن هذه الأرقام “تقترب بالفعل من مستويات ما قبل الأزمة في عام 2022.”

ويُعد قطاع السيراميك أحد أوضح مؤشرات هذا الانتعاش، وفي هذا الشأن أكد مانويل بريفا، الأمين العام للاتحاد الإسباني للجمعيات التجارية، الذي يمثل 22 منتجًا إسبانيًا للطلاءات والطلاءات الزجاجية وألوان السيراميك، لصحيفة “إل إنديبندينتي”: “استأنفت الجزائر نشاطها التجاري بقوة، بأرقام مشابهة جدًا لما كانت عليه قبل عام 2022”. وأصبحت الجزائر ثاني أكبر وجهة تصديرية بعد إيطاليا، مما عزز سوقًا كانت شبه مغلقة أمام هذا القطاع خلال فترة الإغلاق.

استعاد قطاع السيراميك مكانته التي فقدها أمام إيطاليا وتركيا.

استعاد القطاع، الذي يتمركز بشكل رئيسي في كاستيون (فالنسيا)، مكانته التي فقدها أمام إيطاليا وتركيا. فبين يناير وفبراير 2025 وحدهما، صدّرت إسبانيا الفريت والطلاءات والألوان الخزفية إلى الجزائر بقيمة 17.8 مليون يورو، أي ما يعادل تقريبًا قيمة 19 مليون يورو التي فُوِّتت في إيطاليا، المورد الرئيسي للجزائر خلال تلك الفترة. وفي غضون شهرين فقط، ضاعفت المبيعات الإسبانية إجمالي صادرات تركيا إلى الجزائر لعام 2024 (9.5 مليون يورو)، وهو دليل واضح على عودة الهيمنة الإسبانية.

انتعاش شامل

كان الانتعاش التجاري شاملًا. وأكد جمال الدين بوعبد الله، رئيس غرفة التجارة والصناعة الإسبانية الجزائرية، للصحيفة الإسبانية: “لقد وصلنا بالفعل إلى مستويات ما قبل الأزمة”. يُقرّ بوعبد الله بأن الجزائر قد اعتمدت نهجًا حمائيًا في بعض القطاعات الاستهلاكية، لكنه يُؤكد على وجود “قوة وفرص كبيرة” في مجالات مثل الأعمال الزراعية، والمكونات الصناعية، والتعاون في سلاسل القيمة. ويؤكد قائلًا: “لا تزال الحماية قائمة، لكنها عامة، وليست حكرًا على إسبانيا”. وتُعزى صادرات إسبانيا من السيارات واللحوم، وقطاع الكيماويات الزراعية (المنظفات والأسمدة ومستحضرات التجميل)، والآلات، والأجهزة الكهربائية، إلى الانتعاش الاقتصادي بين البلدين.

نحن على بُعد ثماني ساعات فقط بالقارب. يُمكننا بناء تكامل صناعي: إنتاج جزء منه في الجزائر وجزء منه في إسبانيا

ويُوضح بوعبد الله، مُقتنعًا بإمكانية نمو التعاون التجاري حتى دون انتظار حوافز سياسية جديدة: “نحن على بُعد ثماني ساعات فقط بالقارب. يُمكننا بناء تكامل صناعي: إنتاج جزء منه في الجزائر وجزء منه في إسبانيا”. فالقرب الجغرافي والتكاليف التنافسية تُفضيان إلى علاقة اقتصادية أكثر استقرارًا.

وتضيف “إل إندبيندينتي”: “يبدو أن الحصار الشامل قد انتهى. بين يونيو 2022 ونوفمبر 2024، عانت إسبانيا من حظر تجاري شبه كامل من الجزائر، ردًا على تغيير موقفها في نزاع الصحراء الغربية، وانضمامها إلى مقترح الحكم الذاتي الذي يدافع عنه المغرب، الدولة التي تتنازع معها الجزائر على الهيمنة في المغرب العربي.”

لمدة 882 يومًا، تراجعت التجارة الثنائية بشكل حاد: انخفضت الصادرات من 2.906 مليار يورو في عام 2019 إلى 332 مليون يورو في عام 2023، وفقًا لبيانات التجارة الخارجية الإسبانية الرسمية. توقفت 8934 شركة عن التصدير إلى الجزائر في عام 2022 وحده. وتجاوزت الخسائر التراكمية 630 مليون يورو بنهاية ذلك العام. في 6 نوفمبر 2024، رفع البنك المركزي الجزائري القيود المصرفية المفروضة من وإلى إسبانيا، مما أدى فعليًا إلى رفع القيود التجارية. وكانت قيود جزئية قد رُفعت سابقًا، مرتبطة باحتياجات الجزائر. وكانت حكومة عبد المجيد تبون قد منحت استثناءات لاستيراد اللحوم والإسمنت.

الغاز، في مأمن من الأزمة

خلال الأزمة الدبلوماسية، استمر تدفق الغاز دون انقطاع، وهو التزام التزمت به الجزائر منذ توقيع أولى العقود طويلة الأجل قبل عقود. ويتذكر الوزير السابق والسفير الجزائري السابق في مدريد، عبد العزيز رحابي، قائلاً: “هذا أحد دروس هذه الأزمة: حتى في أخطر اللحظات، احترمت الجزائر التزاماتها”، مؤكداً على متانة العلاقات في مجال الطاقة كركيزة أساسية للثقة الثنائية. واعتباراً من يونيو 2025، أصبحت الجزائر ثاني أكبر مورد للغاز إلى إسبانيا عبر خط أنابيب ميدغاز، بنسبة تتراوح بين 26% و30% من الحجم الشهري، بعد الولايات المتحدة (30%)، ومتقدمة على روسيا التي توفر ما بين 14% و18% من الغاز الشهري.

على عكس الزخم التجاري المتجدد، لا تزال العلاقات السياسية بعيدة عن التعافي، وسط شكوك لا تزال حكومة بيدرو سانشيز ووزير خارجيته، خوسيه مانويل ألباريس، تثيرها في الجزائر.

مع تطبيع العلاقات، تستعيد إسبانيا شريكًا استراتيجيًا يجمع بين الحماية الداخلية وجاذبية الاستثمار. ويتفق رجال الأعمال والمحللون على أن المفتاح يكمن في فهم الوضع جيدًا وافتراض أن النمو سيكون تدريجيًا. ويلخص بوعبد الله ردًا على سؤال حول إمكانية اتخاذ إجراءات انتقامية تجارية: “لا أحد يرغب في العودة”.

فرص جديدة

لم تُستأنف التجارة الثنائية فحسب، بل تشير أيضًا إلى فترة من التكامل الاقتصادي، حيث تسعى الشركات الإسبانية إلى الاستفادة من سوق واعدة، بينما تسعى الجزائر إلى تنويع اقتصادها دون التخلي عن دورها المحوري في مجال الطاقة في منطقة البحر الأبيض المتوسط. في شهر مايو وحده، بلغت قيمة صادرات إسبانيا إلى الجزائر 217 مليون يورو، بزيادة قدرها 298% مقارنة بشهر مايو 2024، حين بلغت 54.5 مليون يورو.

وتتزايد الدلائل على هذا الانتعاش: فقد أعادت ألميريا وكاستيون تنشيط خطوطهما البحرية مع وهران والغزوات، حيث نقلتا 68,258 طنًا من البضائع و91,000 مسافر في عام 2024، بزيادة قدرها 137% عن عام 2023. في النصف الأول من العام، احتلت الجزائر المرتبة الثالثة من حيث عدد الحاويات في ميناء فالنسيا، بعد الصين والولايات المتحدة فقط.

لا نتفق في إطار العلاقات بين المغرب وإسبانيا، فهناك إمكانات هائلة.

ثم يؤكد بوعبد الله على النمو السريع الذي شهدته بعض الشركات الإسبانية التي استثمرت في الجزائر. ويضيف: “لقد ضاعفت بعض الشركات الإسبانية التي قررت تأسيس أعمالها في الجزائر قبل عقد من الزمان استثماراتها الأولية عشرة أضعاف، مما يدل على أن السوق، برؤية بعيدة المدى، يستجيب ويحقق عوائد مجزية”. وعز استئناف العلاقات الدبلوماسية، بعودة السفير الجزائري إلى مدريد في نوفمبر 2023، إطار العمل للشركات والموانئ الإسبانية للاستفادة من إعادة فتح الحدود. وعلى الرغم من “تعقيد” السوق الجزائرية، فإن الإصلاحات التشريعية الأخيرة وإمكانات بلد غني بالغاز، يمكن أن تشجع الاستثمار، كما يوضح بوعبد الله.

رابط دائم : https://dzair.cc/x2c3 نسخ