15 أكتوبر، 2025
ANEP الأربعاء 15 أكتوبر 2025

الاحتقان الاجتماعي في المغرب.. نقابات تحذر وحكومة المخزن تكتفي بالصمت

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
الاحتقان الاجتماعي في المغرب.. نقابات تحذر وحكومة المخزن تكتفي بالصمت

في ظل تنامي موجات الغضب الشعبي واتساع رقعة الاحتجاجات، خرجت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية، لتحذر من خطر التمادي في تجاهل المطالب الاجتماعية المتصاعدة، ولتدعو السلطات إلى احترام الحق في الاحتجاج السلمي، باعتباره أحد صمامات الأمان لأي نظام ديمقراطي.

النقابة شددت في بلاغها الأخير على مشروعية المطالب التي يرفعها الشباب المغربي، في وقت يعرف فيه المغرب تدهورًا واضحًا في الخدمات العمومية، خاصة في قطاعات التعليم والصحة والتشغيل. وأكدت أن مقاربة سلطات المخزن، القائمة على المعالجة الأمنية للأزمات الاجتماعية، لم تعد مجدية، بل تزيد الوضع احتقانًا وتُهدد السلم الاجتماعي.

ويأتي هذا الموقف في سياق عام متوتر، تتزايد فيه المؤشرات الاقتصادية السلبية، من ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية إلى تفاقم معدلات البطالة واتساع رقعة الفقر والهشاشة. وبحسب الاتحاد المغربي للشغل، فإن هذا الوضع بات يهدد بتآكل الثقة في المؤسسات الرسمية لمنظومة المخزن، ويغذي مشاعر التهميش واللاعدالة داخل فئات واسعة من المجتمع، خصوصًا الشباب.

البيان النقابي لم يكتف بتشخيص الأزمة، بل وجه انتقادات حادة لحكومة الملك محمد السادس، متهمًا إياها بالمماطلة في تنفيذ اتفاقات الحوار الاجتماعي، والتقاعس عن اتخاذ إجراءات عملية لحماية القدرة الشرائية للمغاربة. وطالبت النقابة بمراجعة شاملة للسياسة الضريبية بما يحقق العدالة التوزيعية، وتشجيع الاستثمار المنتج الذي يخلق فرص العمل اللائق، بدل الاكتفاء بسياسات ترقيعية لا تمس جوهر الإشكال الاقتصادي البنيوي.

كما دعا الاتحاد القوى المغربية والنقابية والمدنية إلى التكتل لمواجهة ما وصفه بـ”نزوع الهيمنة والتحكم” الذي يطبع عمل الحكومة الحالية، وإلى الدفاع عن الحريات النقابية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية لفئات الشغيلة المتضررة.

ويبدو أن النقابة، التي تمثل تيارًا إسلاميًا معارضًا، تسعى من خلال هذا الخطاب إلى إعادة تموضعها داخل المشهد الاجتماعي بعد سنوات من التراجع، مستفيدة من اتساع رقعة الغضب الشعبي الذي تقوده حاليًا حركة “جيل زد 212″، والتي أصبحت رمزًا لاحتجاجات جيل جديد يرفض المقايضة بين الكرامة والأمن.

وتختم النقابة بيانها بتأكيد أن المدخل الحقيقي للاستقرار في المغرب لا يمر عبر القبضة الأمنية، بل عبر إقرار العدالة الاجتماعية والعيش الكريم والعمل اللائق. فمغرب الإنصاف والكرامة، تقول النقابة، هو وحده القادر على تجفيف منابع الغضب، وترسيخ السلم الاجتماعي الحقيقي لا المفروض بالقوة.

في مقابل هذا التحذير النقابي، تكتفي حكومة المخزن بالصمت، متمسكة بتصريحات عامة عن “الإصلاح” و”الاستقرار”، فيما الواقع الاجتماعي يزداد هشاشة يوماً بعد آخر. وبين خطاب النقابات وصمت السلطة، يقف المواطن المغربي في مواجهة يومية مع الغلاء والبطالة وغياب الأمل، في مشهد يعيد إلى الأذهان تلك اللحظات التي سبقت انفجار حراك الريف قبل سنوات.

فهل يستفيد المخزن من دروس الماضي ويختار الحوار بدل الصدام؟ أم أنه سيواصل سياسة الإنكار حتى تصل البلاد إلى نقطة اللاعودة؟

رابط دائم : https://dzair.cc/lvnf نسخ