7 سبتمبر، 2025
ANEP الأحد 07 سبتمبر 2025

التطبيع على دماء الغزاويين: المغاربة في الشارع يواصلون رفض استمرار العلاقات المُخزية والمخزن يصرّ على البقاء في أحضان الكيان

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
التطبيع على دماء الغزاويين: المغاربة في الشارع يواصلون رفض استمرار العلاقات المُخزية والمخزن يصرّ على البقاء في أحضان الكيان

في مشهد يعكس عمق الفجوة بين الشارع المغربي وسلطة نظام المخزن الحاكم، خرج عشرات الآلاف من المغاربة في مختلف المدن – من الدار البيضاء إلى طنجة مروراً بالرباط وفاس – ليجددوا رفضهم القاطع للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وللتنديد بالمجازر الإسرائيلية المتواصلة ضد سكان غزة. المظاهرات، التي تزامنت مع ذكرى المولد النبوي، لم تكن مجرد فعالية عابرة بل صرخة جماعية ضد سياسة رسمية تصرّ على إدارة الظهر للقضية الفلسطينية رغم ارتباطها العميق بالوجدان الشعبي المغربي.

الشارع المغربي: وفاء لفلسطين ورفض للتواطؤ

الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة تحدثت عن تنظيم أكثر من 110 مظاهرات في 58 مدينة، رُفعت فيها شعارات تدعو إلى كسر الحصار عن غزة وإدخال المساعدات الإنسانية فوراً، إلى جانب المطالبة بمحاسبة قادة الاحتلال على جرائم الإبادة. لافتات المتظاهرين كانت صريحة: “لا للتجويع.. لا للإبادة.. فلسطين أمانة”، في إشارة إلى أن معركة الغزاويين هي معركة كل الأمة.

التظاهرات عكست كذلك استمرار التعبئة الشعبية منذ أشهر، ضمن ما بات يعرف بجمعة “طوفان الأقصى”، حيث يخرج المواطنون أسبوعياً لإدانة الحرب الصهيونية على القطاع، معتبرين أن الصمت العربي والدولي شراكة في الجريمة.

الدولة المغربية: تعنّت في مسار التطبيع

في الجهة المقابلة، تمضي الدولة المغربية في تعميق علاقاتها مع الكيان الصهيوني المحتل منذ إعلان التطبيع أواخر 2020 برعاية أمريكية. فرغم الغضب الشعبي الواسع، تستمر الرباط في توقيع اتفاقيات تعاون تشمل الدفاع والتكنولوجيا والأمن السيبراني والزراعة، إلى جانب استيراد منظومات تسليح إسرائيلية مثيرة للجدل.

المفارقة الصارخة تكمن في أن هذه الشراكة تتم بينما تُستخدم الأسلحة الإسرائيلية ذاتها في إبادة جماعية موثقة ضد سكان غزة. ورغم ذلك، يصرّ المخزن على تسويق العلاقة مع تل أبيب باعتبارها “مكسباً استراتيجياً”، متجاهلاً أن الأمر لا يعني سوى ارتهان القرار الوطني لصفقات مشبوهة على حساب المبادئ والقيم التي طالما دافع عنها الشعب المغربي.

نفاق رسمي وتواطؤ مكشوف

الشارع المغربي يدرك حجم التناقض الفجّ: ملك البلاد محمد السادس لا يزال يرأس لجنة القدس، رمزياً، في حين أن حكومته تفتح أبواب الرباط أمام جنرالات الجيش الصهيوني ومسؤولي شركات السلاح، في لحظة يسقط فيها آلاف الأطفال والنساء تحت القصف في غزة. هذه الازدواجية ليست سوى نفاق سياسي يفضح انفصاماً بين خطاب رسمي يدّعي دعم فلسطين وبين سياسات عملية تشكّل سنداً مباشراً لآلة الحرب الإسرائيلية.

أصوات غاضبة وتحذيرات متصاعدة

محللون سياسيون يرون أن تجاهل صوت الشارع يفتح الباب أمام توترات اجتماعية أعمق، فالمغاربة لم يخرجوا فقط رفضاً للتطبيع بل رفضاً أيضاً لإدارة نظامهم للأزمات الداخلية: غلاء المعيشة، البطالة، وتهميش المناطق الريفية. وبالنسبة لهؤلاء، فإن الملايين التي تُنفق على شراء الطائرات المسيّرة والأنظمة التجسسية الإسرائيلية، كان يمكن أن تُستثمر في تحسين الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية.

الاحتجاجات الأخيرة لم تكن سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من المواجهة بين شارع يعتبر فلسطين قضيته الأولى، ودولة تراهن على تحالفات إقليمية ضيقة مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة. ومع كل يوم يمرّ تستمر فيه غزة تحت الحصار والقصف، يزداد الوعي الجمعي المغربي بأن التطبيع ليس مجرد “خيانة” للقضية الفلسطينية، بل هو أيضاً تهديد مباشر لقيم التضامن والحرية التي يتبناها الشعب المغربي، ودليل إضافي على أن المخزن لا يتردد في المضي في خيارات معزولة، ولو على حساب كرامة ومشاعر الملايين.

رابط دائم : https://dzair.cc/tagd نسخ