في عالمٍ تلجأ فيه بعض الدول إلى تلميع صورتها السياحية عبر سرديات مصطنعة وحملات دعائية مفصولة عن الواقع، لا تحتاج الجزائر إلى اختراع رواية. فهي تمتلك ما يسعى الآخرون إلى تقليده عبثًا: تاريخًا حقيقيًا، عميقًا، ضاربًا في آلاف السنين، قابلًا للتحقق، ولا يقبل الجدل.
قوة الجزائر لا تكمن في الخيال المُصنَّع، بل في الحقيقة التاريخية:
أرض احتضنت الإنسانية منذ أكثر من مليوني سنة، من تيغنيف إلى الطاسيلي.
مملكة نوميدية أنجبت ماسينيسا وصيفاقس ويوغرطة.
تراث روماني يُعد من الأفضل حفظًا في العالم: تيمقاد، جميلة، تيبازة.
إرث إسلامي وعثماني يمتد من الجزائر البيضاء إلى كبريات الزوايا.
تاريخ حديث صاغته واحدة من أشرع وأعظم حركات التحرر في القرن العشرين.
بينما يبني البعض واجهات زائفة لجذب الحشود، تستطيع الجزائر أن ترتكز على الجوهر: الأصالة والعمق الحضاري. وهنا تحديدًا يكمن تفوقها التنافسي في المعركة الجيوسياسية للوجهات السياحية.
نعم، السياحة أصبحت مجالًا للتأثير ووسيلة من وسائل القوة الناعمة. ونعم، الجزائر تمتلك مقومات فرض حضورها، لا عبر الإشهار، بل عبر حمضها النووي التاريخي—تراث لا يمكن نسخه أو تزويره أو الاستيلاء عليه.
الترويج للجزائر عبر تاريخها هو استعادة للمبادرة.
وهو فرضٌ لهويتنا في عالمٍ مكتظ بالمحتوى المصطنع.
وهو جذبٌ لسياحة واعية، راقية، محترِمة، ومخلِصة.
وهو إعادة تموقع للجزائر كحضارة كبرى لا كمجرد وجهة.
لم يعد الوقت وقت تردد.
إنه وقت الحسم والتأكيد.
على الجزائر أن تقدّم تاريخها كركيزة استراتيجية، برسالة واضحة، واثقة، هجومية، قادرة على إعادة التوازن للسرديات في المنطقة، والتذكير بأننا لا ننطلق من الصفر؛ بل ننطلق من بعيد… ومن علوٍّ شاهق.
🇩🇿 الجزائر لا تحتاج إلى صناعة صورتها؛ يكفي أن تُظهر حقيقة تاريخها. وهذه الحقيقة رأسمالٌ سياحي لا يُقدَّر بثمن.
