الجمعة 14 نوفمبر 2025

الجزائر تعزز شراكتها الإستراتيجية مع روسيا.. والمخزن يترنّح أمام خرائط جديدة للقوة خارج دائرة الهيمنة الغربية

نُشر في:
الجزائر تعزز شراكتها الإستراتيجية مع روسيا.. والمخزن يترنّح أمام خرائط جديدة للقوة خارج دائرة الهيمنة الغربية

في الوقت الذي يواصل فيه النظام المغربي الارتهان بالكامل للمحاور الغربية، وينغمس أكثر في منطق التبعية السياسية والاقتصادية خدمة لأجندات باريس وواشنطن، تتحرك الجزائر بثبات نحو إعادة رسم توازنات إقليمية جديدة، عنوانها: التحرر من الهيمنة التقليدية، وبناء شراكات سيادية متكافئة. منتدى الأعمال الجزائري–الروسي الذي احتضنته الجزائر هذا الأسبوع لم يكن مجرد لقاء اقتصادي عابر، بل كان إعلاناً واضحاً عن انتقال العلاقات الجزائرية–الروسية إلى مستوى أعلى، يتجاوز الطاقة والبنية التحتية نحو اقتصاد متنوع، تكنولوجيا متقدمة، وسيادة كاملة على القرار الوطني.

روسيا تعلن دعمها القوي لمسار الجزائر السيادي

أكد ألكسي كوشيكوف، نائب السفير الروسي في الجزائر، أن موسكو مستعدة لمرافقة الجزائر في مسار التحول الاقتصادي الذي يقوده الرئيس عبد المجيد تبون، وخاصة هدف رفع الصادرات خارج المحروقات بحلول 2027. التصريح لم يكن مجاملة دبلوماسية، بل إعلاناً ضمنياً بأن روسيا ترى في الجزائر شريكاً استراتيجياً مستقلاً، لا تابعاً يبحث عن إملاءات أو “وصاية سياسية”.

ورغم محاولات بعض القوى الغربية الضغط على الجزائر من بوابة الملفات الإقليمية، تأتي هذه الخطوة الروسية لتؤكد أن الجزائر تمتلك اليوم حلفاء يُقدّرون سيادتها، لا يساومون عليها.

شراكة واسعة تتجاوز القطاعات التقليدية

لم تَعُد العلاقات الجزائرية–الروسية محصورة في الغاز والدفاع والبنية التحتية. فالجانب الروسي عبّر بوضوح عن استعداده للدخول في مجالات التكنولوجيا الرقمية والابتكار المالي والطاقة المتجددة والتعدين والصناعة الصيدلانية والاقتصاد الدائري والزراعة والنقل واللوجستيك، وهي قطاعات تُشكل العمود الفقري للجزائر الجديدة، القائمة على التحرر من ريع المحروقات وبناء اقتصاد إنتاجي حقيقي.

الجزائر: شراكة سيادية لا تقبل التوجيه الخارجي

من الجانب الجزائري، شدد ممثلو وزارة الخارجية على أن روسيا شريك “تاريخي وموثوق”، وأن الجزائر ملتزمة بإزالة العقبات التجارية، وفتح أبواب السوق أمام التعاون المتوازن. ولم يفت المفاوض الجزائري أن يؤكد أن العلاقة مع موسكو ليست علاقة تَبَعية ولا اصطفافاً، بل شراكة قوية تُبنى على احترام السيادة وإرادة الشعوب.

400 شركة روسية تبحث عن موطئ قدم في اقتصاد يتجه للنهوض

أحمد عظيموف، رئيس مجلس الأعمال الجزائري–الروسي، كشف أن أكثر من 400 شركة روسية زارت الجزائر منذ بداية السنة، وهو رقم يعكس حجم الاهتمام الروسي بالسوق الجزائرية، ويتناقض تماماً مع الخطاب الغربي الذي حاول لسنوات إظهار الجزائر كـ”شريك ثانوي”. اليوم، تتحوّل الجزائر إلى مركز اقتصادي صاعد، وجاذب للاستثمارات التي تبحث عن الاستقرار والسيادة السياسية.

وفي المقابل… المخزن يلعب ورقة “الاستجداء الجيوسياسي، وبينما توسّع الجزائر شراكاتها في هدوء وبدون تنازلات، تجد الرباط نفسها محاصرة بخياراتها الخاطئة: التخندق وراء فرنسا والكيان الصهيوني والارتهان لمساعدات الاتحاد الأوروبي والسعي المحموم لتسويق “وهم القوة” عبر اتفاقيات جوفاء والاعتماد على اللوبيات بدل السياسات الحقيقية.

ففي الوقت الذي تبني فيه الجزائر اقتصاداً متعدد الأقطاب، يعتمد على شراكات متوازنة، تستمر الرباط في تسليم مفاتيح قرارها الاقتصادي والأمني للقوى الخارجية، من أجل شراء اعترافات سياسية لا قيمة قانونية لها.

روسيا والجزائر… شراكة تُعيد رسم المشهد الإقليمي

المنتدى الأخير يثبت أن الجزائر تتحرك بوعي عميق نحو عالم متعدد الأقطاب، وأنها تملك القدرة على صياغة سياساتها بعيداً عن الابتزاز الأوروبي، وبناء اقتصاد مستقل بعيد عن منطق المساعدات، والانفتاح على قوى كبرى دون التخلي عن ثوابتها، وتحويل موقعها الجيوسياسي إلى نقطة قوة لا ورقة ضغط.

وفي المقابل، يُظهر المخزن نظاماً غارقاً في التبعية، اللهاث، وشراء المواقف… نظاماً يبحث عن شرعية خارجية بعدما فشل في توفير أبسط المقومات الاقتصادية والاجتماعية لشعبه.

إن ما يحدث اليوم في العلاقات الجزائرية–الروسية ليس حدثاً عابراً، بل جزء من تحول استراتيجي كبير تُعيد الجزائر من خلاله تثبيت مكانتها كقوة إقليمية مستقلة وصاحبة قرار. وفي عالم يتغيّر بسرعة، يتضح أن من يملك السيادة والشركاء الموثوقين هو من يصنع المستقبل… لا من يشتري الخرائط الوهمية عبر ضجيج إعلامي أو دبلوماسية مقاولات.

رابط دائم : https://dzair.cc/zy0j نسخ

اقرأ أيضًا

×
Publicité ANEP
ANEP PN2500015