الاثنين 19 ماي 2025

الحسن الثاني.. ملك المغرب الذي اقترح على الزعماء العرب ضم الكيان الصهيوني إلى جامعتهم ومكّن جهاز الموساد من التجسّس على قمّة عربية عُقدت بالرباط

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
الحسن الثاني.. ملك المغرب الذي اقترح على الزعماء العرب ضم الكيان الصهيوني إلى جامعتهم ومكّن جهاز الموساد من التجسّس على قمّة عربية عُقدت بالرباط

في بداية حكمه أوائل ستينيات القرن الماضي، اقترح ملك المغرب الراحل الحسن الثاني، على الدول العربية، ضم الكيان الصهيوني إلى جامعة الدول العربية، والاعتراف بها كدولة، مؤكدا بنوع من الثقة الغريبة والمريبة أنها “غير قابلة للزوال”، وهو الاقتراح الذي أثار ضجة وجدلا كبيرا بين الرؤساء والملوك العرب.

وقال الحسن الثاني وقتها، في رده على سؤال للصحافي الفرنسي إريك لوران، حول توقيت بدء اهتمامه بالنزاع العربي الصهيوني: “لقد بدأت أعي هذا المشكل في 1956. وكانت نقطة الضوء بالنسبة إلي، هي الحملة الفرنسية البريطانية على قناة السويس. والواقع أن الاتحاد السوفياتي كان يساند دخول إسرائيل إلى الأمم المتحدة، رغم المعارضة القوية للعديد من البلدان، على رأسها بريطانيا. وحينما لاحظت بضع سنين بعد ذلك، تغيرا في موقف البريطانيين بمساندتهم لإسرائيل خلال حرب السويس، استخلصت أن الكل كان متفقا على أن تظل إسرائيل موجودة وأن لا يتم تدميرها أبدا.”

وإلى جانب هذه المعطيات الإقليمية والدولية أشار الحسن الثاني إلى ما يميّز بلاده عن غيارها من البلدان العربية بقوله:“لقد ظل التعايش بين اليهود والعرب في المغرب، منذ قرون، أحد مقومات هذا البلد. لقد قمت بزيارة إلى لبنان. وخلال مأدبة عشاء، حضرها مثقفون لبنانيون، قلت لهم بحسرة إن الخلاصة أن العرب لن يتمكنوا أبدا من إيجاد حل أو تسوية للمشكل، لأن إسرائيل دولة لا يمكن أن تختفي. وبأنني لو كنت مكانهم لاعترفت بإسرائيل وأدمجتها في حظيرة الجامعة العربية”، وهو التصريح الذي أثار جدلا كبيرا وتعالت الصيحات على إثره.

وتطرق الحسن الثاني، إلى موضوع الاتصالات، التي أقامها مع مسؤولين صهاينة، في الكتاب نفسه قائلا: “خلال القمة التي انعقدت في الجزائر، كان القذافي يرتدي قفازات بيضاء لكي لا تتلطخ يده حينما يصافحني، لأن يدي، حسب رأيه، تدنست بعدما صافحت شيمون بيريز. وفي آخر المساء، قبل مع ذلك أن يخلع القفازات ليصافحني، فقلت له ورددت مرارا وتكرارا لكافة قادة الدول العربية، وأظن أن كلهم كانوا متفقين معي: أية مدرسة للسياسة الدولية تمنع الحوار؟ وقلت للقذافي: هل تستطيع أن تذكر لي سابقة واحدة في التاريخ الدولي والعربي ثبت فيها أن زعيما أو مفكرا رفض التحاور حتى في حالة الحرب”.

الحسن الثاني مكّن الكيان الصهيوني من التجسس على قمة عربية عُقدت بالمغرب

في أكتوبر 2016، خرج الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية الصهيونية، شلومو غازيت، بمعطيات جديدة حول علاقة دول عربية بالكيان الصهيوني في العقود الأولى لتأسيسه، إذ قال إن المغرب مكّنه من تسجيلات قمة عربية استضافها عام 1965، ممّا هيّأ له سبل الانتصار في حرب 1967، وهو قول لم يستبعده المؤرخ المغربي، المعطي منجب.

وقال شلومو غازيت، إن الملك المغربي السابق الحسن الثاني، الذي لم يكن يثق في قادة عدد من الدول العربية. مكّن الكيان الصهيوني من الحصول على تسجيلات سرية لكل ما دار في القمة العربية بالمغرب عام 1965، ممّا أتاح للقيادة الإسرائيلية برئاسة رئيس الوزراء حيئنذ ليفي أشكول من الاطلاع على كل ما دار بين الزعماء العرب.

وكانت تلك القمة مهمة للغاية، إذ أتت سنتين قبل حرب يونيو 1967، وشهدت حضور وزراء الدفاع العرب وقادة جيوشهم وأجهزتهم الأمنية، وجرى خلالها تقديم معلومات تفصيلية حول القدرات الدفاعية لكل دولة، وقد شهدت تلك القمة خلافًا بين ملك الأردن الحسين بن طلال والرئيس المصري جمال عبد الناصر، الأمر الذي أتاح للصهاينة أن يكتشفوا غياب إجماع بين العرب.

ونقل شلومو أن فريقًا من الاستخبارات الصهيونية زار المغرب قبل موعد القمة بتنسيق مع نظام المخزن، وتسّلم مباشرة بعد نهايتها كل التسجيلات لما دار في القمة، وقد شكّلت هذه العملية واحدة من “أكبر إنجازات الاستخبارات الإسرائيلية” وفق تصريحات رئيسها في تلك الفترة، إذ استعد الكيان الصهيوني من خلال التسجبلات لحرب مرتقبة مع دول عربية، وتعرّف على حقيقة قدراتهم، خاصة تلك التي تخصّ الجيش المصري، يقول شلومو.

وفي تعليق على ما جاء على لسان المسؤول الأمني الصهيوني، قال المؤرخ المغربي، المعطي منجب، إن “المغرب كانت لديه علاقات قوية مع إسرائيل في الستينيات”، وإن وثائق رُفعت عنها السرية اعتمد عليها المتحدث في أبحاثه أشارت إلى “لقاء السفير المغربي في واشنطن برئيس الولايات المتحدة عام 1964، مطالبًا إيّاه بدعم للمغرب في مواجهة جمال عبد الناصر بسبب خلاف بين الطرفين”.

وتابع منجب في تصريحات لوسائل إعلام أجنبية: “هذه الوثائق تثبت أن ما قاله شلومو غير مستبعد، فإسرائيل ساهمت كذلك في متابعة رموز المعارضة المغربية بالخارج، وقد اعترف ليفي أشكول أن بلاده قدمت مساعدة تقنية لتحديد مكان المعارض المغربي المهدي بن بركة عام 1965، زيادة على اعترافات من شخصيات مغربية بوجود عملاء استخباراتيين أمريكيين في المغرب خلال تلك الفترة”.

وأضاف منجب: “المعارضة المغربية كانت قوية للغاية في تلك الفترة ووصلت حتى الجيش، لذلك بحث النظام المغربي عن دعم إسرائيلي لتجاوز ما يمكن أن يهدده، وهو ما قد يفسر تسجيله لجلسات القمة العربية عام 1965″، مردفًا أنه “رغم إرسال المغرب لمجموعة من جيشه لأجل المشاركة في حرب 1973، إلّا أن ذلك كان موقفًا وطنيا لا ينفي تعاون النظام في تلك المرحلة مع إسرائيل، كما وقع في أكثر من بلد عربي آخر”.

رابط دائم : https://dzair.cc/62h7 نسخ