2 أكتوبر، 2025
ANEP الخميس 02 أكتوبر 2025

الرئيس تبّون يرفع سقف الطموح أمام المتعاملين الاقتصاديين: من نجاح المعرض الإفريقي إلى عقد وطني للإنجاز.. المصداقية فوق الجميع وزمن الوعود انتهى

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
الرئيس تبّون يرفع سقف الطموح أمام المتعاملين الاقتصاديين: من نجاح المعرض الإفريقي إلى عقد وطني للإنجاز.. المصداقية فوق الجميع وزمن الوعود انتهى

لم يكن خطاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون، خلال إشرافه على لقاء المتعاملين الاقتصاديين بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال» في أعقاب نجاح الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية (4 – 10 سبتمبر 2025)، خطابًا بروتوكوليًا عابرًا. بل كان جرس إنذار سياسي واقتصادي موجهًا إلى الداخل قبل الخارج: الجزائر لن تكتفي بالتصفيق لإنجاز شكلي، بل تُطالب بتحويل الواجهة الإفريقية إلى مكسبٍ اقتصادي ملموس، يُقاس بالإنتاج والتصدير والوفاء بالالتزامات.

لا تهاون مع الوعود

نجاح المعرض، الذي استقطب اهتمامًا إفريقيًا ودوليًا واسعًا، كشف عن قدرة الجزائر على التنظيم والتموقع القاري، لكنه كشف أيضًا عن اختبار أخطر: مصداقية المتعاملين المحليين. تبّون كان واضحًا عندما شدّد أن مصداقية الدولة فوق كل اعتبار، وأن التزامات رجال الأعمال والشركات الجزائرية داخليًا وخارجيًا ليست خيارًا، بل شرطًا لحماية صورة الجزائر في الخارج.
فلا معنى لعقود تُوقّع أمام الكاميرات إذا بقيت حبرًا على ورق، ولا قيمة لوعود تُسوّق إن لم تتحول إلى خطوط إنتاج، صادراتٍ فعلية، وسلعٍ تنافسية تحمل وسم “صُنع في الجزائر”.

الدعم مشروط بالجدية

الرئيس ذكّر المتعاملين بأن الدولة مستعدة للمرافقة والدعم، عبر التمويلات والتسهيلات الإدارية، بل وحتى عبر إعادة تنظيم أنماط الإنتاج لتفادي البيروقراطية والتوقفات. لكنه في الوقت نفسه وضع شرطًا صارمًا: لا دعم بلا جدية.

الزمن لم يعد يتسع للمماطلة أو لثقافة “التجريب”، فالمرحلة الراهنة تفرض صناعة تنافسية متواصلة، واعتماد أنظمة إنتاج مرنة، وضمان جاهزية حقيقية للتصدير إلى الأسواق الإفريقية التي فُتحت أبوابها.

مسؤولية جماعية

نجاح المعرض كان ثمرة تعبئة وطنية، شملت مختلف القطاعات والشركاء، وهو ما عبّر عنه الرئيس تبّون صراحة بقوله إن ما تحقق لم يكن مجهود فردٍ ولا قطاعٍ واحد، بل عملٌ جماعي متكامل. غير أن ما هو قادم أصعب: فالمطلوب اليوم ليس الاحتفال بالإنجاز، بل تثبيته عبر أرقام واقعية، عقود تُستكمل، مشاريع تدخل حيّز التنفيذ، وبنية تحتية قادرة على استيعاب الطموحات الجديدة.

إنها مسؤولية مشتركة بين الدولة التي تؤطّر وترافق، وبين متعاملين يُفترض أن يكونوا في مستوى التحدي، بعيدًا عن التهرب أو التبرير.

اختبار للمستقبل

الرسالة المبطّنة كانت صارخة: إما أن ننجح جميعًا، أو نخسر جميعًا. نجاح الجزائر في إفريقيا لن يُقاس بعدد المؤتمرات ولا بمستوى التغطية الإعلامية، بل بما تحققه الشركات الوطنية من حضور فعلي في أسواق القارة. أي فشل في تنفيذ العقود سيكون ثمنه أزمة ثقة دولية، وأي التزام سيفتح الأبواب لتموقع أوسع في قلب إفريقيا.

من هنا، فإن خطاب الرئيس تبّون ليس مجرد إعلان نوايا، بل هو بمثابة عقد سياسي واقتصادي جديد: الدولة تضمن بيئة مشجعة، لكنها في المقابل لن تحمي المتقاعسين ولن تتسامح مع من يُسيء لصورة الجزائر.

اليوم، لم يعد السؤال: هل نجحت الجزائر في تنظيم المعرض؟ الإجابة معروفة ومثبتة. السؤال الحقيقي: هل سننجح في تحويل النجاح الظرفي إلى مسارٍ دائم؟

هذا هو التحدي الذي وضعه الرئيس تبّون بصرامة أمام المتعاملين: زمن الوعود انتهى، وزمن الإنجاز بدأ. والاختبار اليوم ليس للإدارة وحدها، بل لكل من يدّعي أنه شريك في بناء الجزائر الجديدة.

رابط دائم : https://dzair.cc/moki نسخ