الاثنين 30 جوان 2025

الشهيد القائد جواد بوررجبي… حين كان عامل النظافة يُنظّف وجه الأمة من الذلّ ويُهيّئ صواريخ المجد في الظلّ .. بقلم: د. هناء سعادة

نُشر في:
بقلم: د. هناء سعادة
الشهيد القائد جواد بوررجبي… حين كان عامل النظافة يُنظّف وجه الأمة من الذلّ ويُهيّئ صواريخ المجد في الظلّ .. بقلم: د. هناء سعادة

لم يكن يضع نياشين على صدره، ولا يُعلن بطولته في مواكب النصر، ولم يظهر وجهه على شاشة ولا حتى في منشور رسمي واحد. كان مجرّد رجل عادي يعبر الأزقة كل فجر بثيابٍ متواضعة وسجادة صلاة على كتفه ومفاتيح مبنى في يده، يُلقي السلام على الجيران ويُطعم قطط الحي، بينما قلبه مشغول بمعارك لم يرها أحد… معارك تُرسم في الظلّ، وتُحسم في السماء.
هذا هو القائد الشهيد جواد بوررجبي، الرجل الذي خاض أخطر وأعمق حرب من خلف ستار الحياة اليومية، ونسج أعقد منظومات الردع الصاروخي الإيراني بينما الجميع يراه عامل نظافة بسيط لا يُجيد سوى الصمت.
عاش القائد بوررجبي على حافة السرّ منذ أكثر من عشرين  عامًا، في قلب الظلال، حيث لا تُلتقط صورة ولا تُسجّل كلمة. فحتى زوجته لم تكن تدري عن عمله شيئًا سوى أنه “يعمل عملًا إضافيًا” ينهكه بدنيًا، ويزيد من صمته وتعبه، فيما كانت روحه منشغلة ببناء عماد الردع، ووضع لمسة دقيقة على كلّ صاروخ يُرعب الكيان الصهيوني ويؤخّر زوال الأمة.
وفي لحظة واحدة، خرقت صواريخ الكيان جدار الهدوء، دوّى الانفجار الكبير، وسقط المبنى، وصعد القائد.

صرخت الأرملة المفجوعة:

“زوجي؟ عامل نظافة… لا علاقة له بالقادة ولا بالصواريخ!”

لكن المفاجأة لم تكن في الاستهداف، بل في الكتمان الذي أُزيح…

فصورته عمّت الجدران، واسمه هزّ الإعلام:

“الشهيد القائد… سيد الظلّ، عقل الردع، ومهندس الصواريخ الباليستية.”

لم يكن اللواء جواد بوررجبي مجرّد موظف في مؤسسة، بل كان حجر الزاوية في القوة الجو-فضائية للحرس الثوري الإيراني، العقل الذي أدار معادلات المواجهة دون أن يُوقّع على بيان، أو يُسلّط عليه ضوء.
كان صمته سلاحًا، وبساطته قناعًا، وخطاه البطيئة نحو العمل كلّ صباح خطوات تُمهّد لمسار الصواريخ العابرة للقارات. كان صامتًا لأنه صادق، متخفيًا لأنه كبير، خافتًا لأنه مشعّ في العمق.

حين جاء القادة إلى بيت الأرملة، لم يحملوا وسامًا فقط، بل حملوا اعترافًا وطنيًا:

“لقد خدم الأمة بصمتٍ، وهزم العدو دون أن يرفع صوته، وصنع المجد دون أن يطلب الثناء.”

إن جواد بوررجبي لم يكن اسمه فقط ما ارتقى، بل ارتقى معه مفهوم جديد للبطولة… البطولة التي لا تحتاج كاميرا ولا خطبة، بل صدقًا عميقًا، وإخلاصًا بلا رياء، وعملًا دقيقًا يكتب التاريخ من خلف الستار.

كان في حياته يكنس الغبار عن مداخل المباني…

لكن في الحقيقة، كان يكنس الذلّ عن جبين الأمة، ويرسم في السماء إشارات النصر.

وفي استشهاده، صار أيقونة جديدة تُعلّمنا أن البطولة الحقيقية لا تُقاس بالكلمات، بل بالأثر، ولا تُعلن في المؤتمرات، بل تُخلّد في الوجدان.

لقد رحل الشهيد بصمتٍ… لكنّه ترك للعدو ضجيج رعبٍ لا يسكت.

وغادر إلى الله خاشعًا… لكنّه بقي في الأرض هيبةً لا تُنسى.

السلام على جواد… رجل الظلّ وصوت الصواريخ.

رابط دائم : https://dzair.cc/bnuw نسخ