13 أكتوبر، 2025
ANEP الاثنين 13 أكتوبر 2025

الصفحات الفيسبوكية ودورها المتنامي في مكافحة الإجرام … بقلم الصحفي كمال علاق

نُشر في:
بقلم: كمال علاق
الصفحات الفيسبوكية ودورها المتنامي في مكافحة الإجرام … بقلم الصحفي كمال علاق

لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرّد فضاء للتسلية وتبادل الأخبار، بل تحوّلت مؤخرا إلى منصّات فاعلة تسهم في حفظ الأمن ومساندة السلطات في مكافحة الجريمة بمختلف أشكالها.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك، الدور الذي تؤديه الصفحات الفيسبوكية المحلية، التي أصبحت أداة فعّالة في ردع الإجرام والكشف عن المجرمين في وقت قياسي، بفضل نشرها السريع لمقاطع الفيديو والمعلومات المرتبطة بالأحداث الإجرامية، على غرار صفحات “ألجيريانو”، و*”أنفو وهران”، و”مكافحة عصابات الأحياء”، الجزائر وما أدراك ما الجزائر، وغيرها.

من الفضاء الافتراضي إلى المساهمة الأمنية

يُلاحظ اليوم بوضوح أنّ العديد من الصفحات الفيسبوكية التي تتابع الشأن المحلي باتت تمثّل عينًا رقمية للمجتمع، ترصد التحركات المريبة وتنشر ما يوثّقه المواطنون من جرائم أو مخالفات.

وبفضل الهواتف الذكية وسهولة التصوير، أصبح كل مواطن قادرًا على أن يكون “مراسلًا ميدانيًا” يسهم في كشف الحقائق وإيصالها بسرعة إلى الرأي العام والسلطات المختصة.

هذا التفاعل الرقمي ساهم في تسريع عمليات التبليغ والتعقب، حيث تمكّنت الأجهزة الأمنية في أكثر من حالة من التعرف على هوية الجناة بعد تداول مقاطع الفيديو على نطاق واسع.

الأثر الردعي والاجتماعي

يشكّل النشر الفوري لصور المجرمين أو مقاطع الجريمة أداة ردع قوية، إذ يدرك الجناة أن أي فعل خارج عن القانون قد يُوثَّق ويُنشر أمام الجميع.

هذا الوعي المجتمعي الرقمي خلق نوعًا من الرقابة الشعبية التي تُكمل عمل الأمن الرسمي وتغذّي ثقافة التبليغ عن الجريمة بدل الصمت عليها.

كما ساهم هذا الدور الجديد في تعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات الأمنية، بعدما أصبح الفرد يرى نفسه شريكًا في تحقيق الأمن، لا مجرد متلقٍ له.

التحديات والمخاطر

ورغم الإيجابيات التي تحقّقها هذه الصفحات، إلا أن نشاطها لا يخلو من إشكالات قانونية وأخلاقية، إذ قد تنشر بعض الصفحات مقاطع أو معلومات غير دقيقة، مما يعرّض الأبرياء للتشهير، أو قد تُسيء إلى سير التحقيقات بنشر تفاصيل حسّاسة قبل تأكيدها رسميًا.

ويُطرح هنا تساؤل حول حدود حرية النشر والمسؤولية الرقمية، في ظل غياب ضوابط واضحة لاستخدام هذه المنصّات في العمل شبه الأمني.

لذلك، من الضروري العمل على تنظيم هذا الدور المجتمعي عبر التوعية الرقمية وسنّ أطر قانونية تضمن الموازنة بين حرية التعبير والمصلحة العامة. فحين تُستثمر هذه الصفحات بذكاء ومسؤولية، يمكن أن تتحول إلى شريك فعلي للأمن الوطني في الوقاية من الجريمة وكشف مرتكبيها، دون المساس بحقوق الأفراد أو سرية التحقيقات.

نحو وعي رقمي مسؤول

إن التحوّل الذي شهدته الصفحات الفيسبوكية يعكس تطور الوعي الرقمي لدى المجتمعات، حيث لم يعد المواطن متفرّجًا على الجريمة، بل عنصرًا فاعلًا في مواجهتها.

وبين إيجابيات الردع وسلبيات التشهير، يبقى الرهان الحقيقي هو تأطير هذا الدور حتى يخدم العدالة دون أن يهددها، فالإعلام الرقمي، حين يُمارس بمسؤولية، يمكن أن يكون درعًا للمجتمع لا سيفًا عليه.

رابط دائم : https://dzair.cc/xg7r نسخ