30 سبتمبر، 2025
ANEP الثلاثاء 30 سبتمبر 2025

المغرب بعد محمد السادس: عرشٌ يهتز ونظامٌ يتهاوى على وقع ضرباتِ شارعٍ غاضب ولا يستسلم.. بقلم: معمر قاني

نُشر في:
بقلم: معمر قاني
المغرب بعد محمد السادس: عرشٌ يهتز ونظامٌ يتهاوى على وقع ضرباتِ شارعٍ غاضب ولا يستسلم.. بقلم: معمر قاني

يقف المغرب اليوم على حافة لحظة فارقة قد تغيّر وجه تاريخه السياسي. فالأحداث المتسارعة، من الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة بقيادة شباب “جيل زد” إلى التقارير المتواترة حول تدهور صحة الملك محمد السادس، تكشف عمق أزمة نظام فقد شرعيته منذ سنوات. ملك غاب طويلاً عن شعبه، ترك البلاد تغرق في الفقر والفساد، وأدار ظهره لمطالب الكرامة والعدالة الاجتماعية، بينما يغرق القصر في صراعات داخلية وحرب خلافة مبكرة.

التقارير القادمة من دوائر إعلامية ومتابعات سياسية تتحدث عن وضع صحي متدهور للملك، وعن تناحر شرس داخل الأسرة الحاكمة وأجهزة المخابرات حول من سيرث عرشًا فقد بريقه. هذه المعطيات تفتح الباب أمام سيناريوهات خطيرة: فراغ سياسي إذا عجز الملك عن الحكم أو توفي، صراع دموي محتمل على السلطة بين أجنحة النظام، أو حتى تدخلات خارجية؛ خاصة من الكيان الصهيوني وفرنسا، لحماية نظام فقد كل مقومات الاستمرار إلا تحالفاته المشبوهة التي تدلّ على أن العائلة المالكة باعت المغرب للصهاينة ووضعت البلاد لقمة سائغة في أفواههم.

لكن الأزمة في المغرب لا تختزل في صحة الملك وحدها. إنها أزمة دولة تحوّلت إلى مزرعة خاصة للعائلة الحاكمة، أزمة ثقة شاملة بين الشعب ومؤسسات لم تعد تمثل سوى واجهة شكلية لسلطة مطلقة. حكومة عاجزة، نخب فاسدة، ومخزن لا يعرف سوى القمع كوسيلة للتعامل مع الاحتجاجات. هذا المشهد يضاعف من شرعية الشارع المنتفض الذي لم يعد يرى في النظام إلا عبئًا على مستقبله.

انتفاضة الشباب اليوم ليست مجرد حراك اجتماعي عابر، بل هي تعبير عن جيل كامل يرفض أن يُدفن في ظل منظومة الفساد والاستبداد. شعاراتهم عن الكرامة والعدالة تُعيد تعريف السياسة في المغرب، وتضع النظام في مواجهة مباشرة مع سؤال الشرعية الذي طالما تهرّب منه. فالقمع، مهما كان عنيفًا، لم يعد قادرًا على إخماد صوت يعلو من كل المدن والأحياء والقرى المهمشة.

المغرب بعد الملك قد يكون أمام مفترق طرق مصيري. إما أن تكون وفاة أو عجز محمد السادس لحظة ميلاد دولة جديدة، دولة الشعب والمؤسسات والشفافية، أو أن يتحول البلد إلى ساحة فوضى عارمة إذا أصر النظام على التعامل مع الغضب الشعبي بالحديد والنار. في كلتا الحالتين، المؤكد أن المغرب لن يشبه نفسه بعد هذه المرحلة، وأن القرار هذه المرة ليس بيد القصر، بل بيد الشارع الذي استعاد زمام المبادرة.

إنها لحظة تاريخية، قد تكون بداية النهاية لنظام المخزن أو بداية ولادة مغرب آخر. المستقبل يكتبه اليوم جيل لا يخاف من القمع ولا ترهبه تهديدات المخزن، ويصرّ على أن لا عودة إلى الوراء.

رابط دائم : https://dzair.cc/em6l نسخ