الاثنين 29 ديسمبر 2025

المغرب: تصاعد القلق الحقوقي بشأن أوضاع سعيدة العلمي.. مطالب بتحقيق مستقل واحتجاجات أمام سجن عكاشة

نُشر في:
المغرب: تصاعد القلق الحقوقي بشأن أوضاع سعيدة العلمي.. مطالب بتحقيق مستقل واحتجاجات أمام سجن عكاشة

يتواصل الجدل الحقوقي في المغرب حول أوضاع المدونة المعتقلة سعيدة العلمي داخل سجن عكاشة بالدار البيضاء، في ظل تزايد ادعاءات تعرّضها لسوء المعاملة والعنف، وما رافق ذلك من دخولها في إضراب مفتوح عن الطعام، أثار مخاوف واسعة بشأن سلامتها الجسدية والنفسية، وأعاد إلى الواجهة إشكالية أوضاع السجون وضمانات حماية السجناء، خاصة في قضايا الرأي والتعبير.

وفي هذا السياق، دعت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق شفاف ومستقل في ما وصفته بـ”ادعاءات خطيرة” تتعلق بتعرض سعيدة العلمي للعنف داخل المؤسسة السجنية، مؤكدة أن أي مساس بالسلامة الجسدية أو الكرامة الإنسانية للمحرومين من الحرية، إن ثبت، يشكل خرقًا جسيمًا للقانون الوطني ولمواثيق حقوق الإنسان الدولية.

قلق حقوقي ومسؤوليات مؤسساتية

وعبّرت الرابطة، في رسالة مفتوحة وجهتها إلى كل من المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عن قلقها البالغ إزاء ما تم تداوله من معطيات حول سوء المعاملة والاعتداء الجسدي واللفظي الذي يُزعم أن العلمي تعرضت له داخل سجن عكاشة، معتبرة أن هذه الادعاءات تستوجب تحقيقًا فوريًا وفعالًا ومستقلًا، بعيدًا عن أي منطق تبريري أو إداري.

وشددت الهيئة الحقوقية على أن إدارة السجون ملزمة قانونًا وأخلاقيًا بضمان السلامة الجسدية والنفسية للسجناء، وصون كرامتهم الإنسانية، ومنع كل أشكال العنف أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، مذكّرة بأن الدستور المغربي يجرّم التعذيب، وأن المغرب صادق على اتفاقية مناهضة التعذيب وبروتوكولها الاختياري، إضافة إلى قواعد نيلسون مانديلا المنظمة لمعاملة السجناء.

كما حمّلت الرابطة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عبر لجنته الوطنية للوقاية من التعذيب، مسؤولية محورية في الرصد الوقائي والتدخل عند وجود ادعاءات ذات مصداقية، من خلال القيام بزيارات ميدانية، والاستماع المباشر، وإصدار التوصيات اللازمة، ومتابعة تنفيذها.

احتجاج ميداني وتصعيد تضامني

بالتوازي مع هذه المطالب الحقوقية، شهد محيط سجن عكاشة، اليوم الاثنين، وقفة احتجاجية شارك فيها عشرات النشطاء والحقوقيين، إلى جانب أعضاء من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان – فرع البرنوصي، ولجنة التضامن مع المعتقلين السياسيين بالدار البيضاء، تعبيرًا عن تضامنهم مع سعيدة العلمي، وتنديدًا بما وصفوه بـ”التعذيب والتعنيف والإهانة والمضايقات” التي تتعرض لها داخل السجن.

وطالب المحتجون بفتح تحقيق شفاف ومستقل في ادعاءات العنف، محمّلين الدولة المغربية، بمختلف مؤسساتها، وإدارة سجن عكاشة، المسؤولية الكاملة عن سلامة وحياة المدونة المعتقلة، ومحذرين من العواقب الوخيمة التي قد تؤول إليها الأوضاع في حال استمرار ما وصفوه بالتجاهل الرسمي.

إضراب عن الطعام ومخاوف صحية

وتخوض سعيدة العلمي إضرابًا مفتوحًا عن الطعام للمرة السادسة منذ اعتقالها، في خطوة تصعيدية احتجاجًا على ما أبلغت به عائلتها من تعرضها للضرب والتنكيل وإتلاف ممتلكاتها داخل المؤسسة السجنية. وبحسب تدوينة لشقيقتها ليلى العلمي، فإن المدونة قررت الدخول في إضراب “حتى الموت” ابتداءً من 26 ديسمبر الجاري، بعد تعرضها، وفق الرواية العائلية، للضرب والسب والبصق وتمزيق ملابسها وإتلاف كتبها وكتاباتها.

وأشارت العائلة إلى أن إحدى حارسات السجن هي من قامت بالاعتداء، مؤكدة أن الوضع الصحي للعلمي يثير قلقًا مضاعفًا، بالنظر إلى معاناتها من أمراض مزمنة، من بينها داء السكري وارتفاع ضغط الدم والقولون العصبي.

قضية رأي أم ملف جنائي؟

وتأتي هذه التطورات في وقت تقضي فيه سعيدة العلمي عقوبة ابتدائية بالسجن النافذ لمدة ثلاث سنوات، مع غرامة مالية، على خلفية متابعتها بتهم تتعلق بـ”إهانة هيئة منظمة قانونًا” و”نشر ادعاءات كاذبة” و”إهانة القضاء”، وهي تهم ترى منظمات حقوقية أنها تندرج ضمن قضايا حرية التعبير والرأي.

وفي ظل غياب أي توضيح رسمي مفصل من إدارة السجن بشأن هذه الادعاءات، تتعاظم مطالب الهيئات الحقوقية بضرورة اعتماد الشفافية، وفتح تحقيق مستقل، وترتيب المسؤوليات القانونية والإدارية إن ثبتت الانتهاكات، تفاديًا لتحول القضية إلى محطة جديدة في سجل مقلق من الشكايات المرتبطة بسوء معاملة معتقلي الرأي في المغرب.

رابط دائم : https://dzair.cc/rgpy نسخ

اقرأ أيضًا

×
Publicité ANEP
ANEP PN2500022