الجمعة 18 جويلية 2025

المغرب: تقرير حقوقي ينتقدّ بشدّة واقع التعليم والصحة والشغل وحرية التعبير بالمملكة

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
المغرب: تقرير حقوقي ينتقدّ بشدّة واقع التعليم والصحة والشغل وحرية التعبير بالمملكة

أكّدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أنّ “عددا كبيرا من المواطنين يفقدون أرواحهم سنويا، سواء جراء الإهمال وغياب العناية الطبية، أو بسبب عدم احترام معايير السلامة في الأوراش والمعامل، أو بسبب انعدام مساءلة المسؤولين عن إنفاذ القانون في المخافر والسجون”.

ورصدت الجمعية، في تقريرها السنوي حول وضعية حقوق الإنسان عام 2023، “11 حالة وفاة في السجون تعتبرها العائلات غير طبيعية، و5 حالات وقعت داخل مراكز الشرطة والدرك الملكي أو أثناء الملاحقات من طرف الشرطة”، مشيرة إلى أن أعلى معدلات الانتحار تقع في جهة طنجة تطوان بنسبة تجاوزت 53 بالمائة، كما أنّ إجمالي عدد حالات الانتحار في المغرب بلغ 116 حالة خلال 2023.

الإعدام والاعتقال السياسي

وبخصوص الأحكام القاضية بالإعدام، سجل التقرير صدور ما لا يقل عن 6 أحكام خلال العام الماضي، منها 4 أحكام ابتدائية وحكمان استئنافيان. ومن جهة أخرى، قالت الجمعية إن “الدولة مازالت ترفض تبييض السجون من المعتقلين السياسيين ومعتقلي حرية الرأي والتعبير الذين يقضون محكوميتهم في عدة سجون، من ضمنهم ما تبقى من معتقلي حراك الريف وعددهم 6، ثلاثة منهم محكومون بـ 20 سنة واثنان بـ 15 سنة وواحد بـ 10 سنوات”

ورصد الحقوقيون “استمرار الهجوم على حرية الرأي والتعبير والتظاهر والاحتجاج السلميين بمواصلة اعتقال الصحافيين والمدونين ونشطاء الاحتجاجات السلمية، الذين حوكموا على خلفيات منشورات على الشبكات الاجتماعية أو تحقيقات صحفية… منهم من يقضي عقوبات سالبة للحرية، ومن يتواجدون في حالة سراء في انتظار صدور الأحكام النهائية”. وأفاد التقرير أن عدد المعتقلين خلال العام الماضي بلغ 62 معتقل، تتراوح الأحكام في قضاياهم ما بين 15 سنة إلى سنة واحدة وبضعة أشهر، فضلا عن الحبس النافذ والبراءة بالنسبة لـ 23 منهم.

وتابع التقرير أن “ما يسمى بالحالات العالقة للمختطفين ومجهولي المصير، باعتبار أن الملف لم يعرف أي تقدم أو تطور منذ نشر توصيات هيئة الانصاف والمصالحة، واستنادا إلى مراجعة اللوائح يتضح أن عددهم يقارب 60 حالة، ويضاف إليهم 111 من طلبة المدرسة العسكرية السابقة لاهرمومو الذين اختفوا عشية 10 يوليوز 1971، ولا زال مصيرهم مجهولا”.

تدهور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

في مجال الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، قال التقرير إن سنة 2023 اتسمت بتفاقم أزمة الشغل في بالمغرب، فقد كان عدد المناصب المالية المحدثة في الميزانية العامة ضعيفا ولم يتجاوز 27 ألف و725 منصبا، استحوذت وزارة الداخلية وإدارة الدفاع على 52.4 بالمائة منها، في حين لم تتجاوز حصة كل من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي 8.5 بالمائة ووزارة الشباب والثقافة نسبة 0.4 بالمائة من هذه المناصب.

وأبلغ التقرير عن فقدان الاقتصاد المغربي لـ 158 ألف منصب شغل شنة 2023، مما جعل معدل البطالة يقفز إلى 13 بالمائة. كما واصلت القدرة الشرائية تدهورها السريع بسبب الغلاء غير المسبوق، الذي نجم عما أسمته الجمعية بـ “الاجهاز على صندوق المقاصة تنفيذا لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، وسيادة اقتصاد الريع والمضاربات في غياب مراقبة الأسعار”.

كما توالت حوادث الشغل وحوادث السير الجماعية، حسب التقرير، يذهب ضحيتها العمال من الرجال والنساء خصوصا بالقطاع الزراعي، “بسبب تغاضي السلطات المعنية عن شروط النقل الجماعي من وإلى التجمعات الإنتاجية في ظروف عمل ماسة بالكرامة، على متن عربات تنعدم فيها شروط السلامة”. وذكرت الجمعية أن “أخطر حادث هو الذي تم تسجيله يوم 29 مارس 2023 بقرية البراوشة ضواحي الرماني، وسقط على إثرها 11 قتيلا ضمنهم طفلة عمرها 4 سنوات و27 جريحا من بينهم 12 إصابتهم بليغة”.

من جهة أخرى، وصفت الجمعية قطاع الصحة بالمغرب بأنه “مريض”، مشيرة إلى أن الخطة الصحية حاليا تسعى إلى بناء مؤسسات علاجية دون اعتبار لنقص الموارد البشرية والمالية، وهو ما أفضى إلى وجود 143 مركزا صحيا مغلقا في الوقت الراهن، فيما لا تشهد باقي المراكز إلا ارتيادا ضعيفا، حسب ما ورد في التقرير.

السكن غير اللائق وتداعيات زلزال الحوز

ووصف التقرير حالة السكن غير اللائق، في العام الماضي، بالاستثنائية، جراء زلزال الحوز المدمر ليلة 8 سبتمبر 2023، مخلفا الكثير من الضحايا ودمارا شاملا، لاسيما في القرى المهمشة، المنبثة بين الجبال في مواقع معزولة ذات مسالك وعرة، حيث جرى حينها 11 ألف شخص مسهم الزلزال بإقليم الحوز وحده، وتعرض مباني 80 دوارا لأضرار بليغة بأزيلال، والانهيار الكلي أو الجزئي لما يناهز 50 ألف مسكن في الاقاليم الخمسة التي أصابها الزلزال.

وأضاف معدو التقرير أن “الحق في التعليم يعاني هو الآخر من تدهور فظيع، سواء على مستوى التمييز والفوارق، أو النقص المهول في بناء المؤسسات التعليمية والداخليات والمطاعم المدرسية وتجهيزها. وحسب الإحصائيات الرسمية فقد بلغ عدد المتمدرسين في موسم 2023/2024 في الأسلاك الثلاث حوالي 7.39 مليون طفل بزيادة ضئيلة لا تتجاوز 1.1 بالمائة. بيد أن عدد المنقطعين عن الدراسة في المواسم الدراسية الثلاثة الأخيرة بلغ 96 ألف و680 طفل.

نتيجة لذلك تعرف أوضاع الطفولة بالمغرب تراجعا وصفته الجمعية بـ “الخطير”، وقد عرف التسرب المدرسي ارتفاعا بلغ 0.6 بالمائة في الابتدائي و10.3 بالمائة في الإعدادي و7.2 بالمائة في الثانوي، حيث غادر 334 ألف و664 طفل المدرسة وتم اغلاق 557 مؤسسة تعليمية.

وفيما يتعلق بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، سجلت الجمعية قصورا قانونيا في سياسة إدماج هذه الفئة في التعليم، وغياب استراتيجية لتأهيل المواطنين الذين يعانون من إعاقة حركية خاصة في البوادي، حيث لا تتوفر آلات المشي والكراسي المتحركة.

في مجال الهجرة واللجواء تمت الإشارة إلى تقرير الأمم المتحدة الصادر في 2023، الذي كشف عن وفاة 2500 مهاجرا أثناء ركوب قوارب الموت إضافة إلى عدد من المفقودين، كما وصل عدد اللاجئين في المغرب حسب المفوضية السامية للاجئين إلى حدود دجنبر من العام الماضي 10 ألاف و280 من بينهم 3 آلاف 760 امرأة.

ونددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بـ ” توقيف وترحيل المهاجرين من جنوب الصحراء إلى أماكن مختلفة من مناطق المغرب الداخلية، وتعرضهم للمطاردات والاحتجاز، إضافة إلى تنامي العنصرية ضدهم، وعيش نسبة كبيرة منهم على التسول”.

رابط دائم : https://dzair.cc/rehd نسخ