22 سبتمبر، 2025
ANEP الاثنين 22 سبتمبر 2025

المغرب على صفيح ساخن: غلاء فاحش وقمع يُنذران بانفجار اجتماعي وصورة المخزن تتصدع في الخارج

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
المغرب على صفيح ساخن: غلاء فاحش وقمع يُنذران بانفجار اجتماعي وصورة المخزن تتصدع في الخارج

غلاء ينهك الجيوب

تشهد مختلف المدن المغربية موجة غضب شعبي غير مسبوقة بسبب الارتفاع المهول في الأسعار، خصوصاً في المواد الأساسية وعلى رأسها المحروقات. ورغم وعود الحكومة بكبح جماح الغلاء، إلا أن الواقع يكشف استمرار استنزاف القدرة الشرائية للمواطنين، ما يضع الأسر في مواجهة مباشرة مع الفقر والهشاشة.

أزمة المحروقات.. لوبيات فوق الدولة

أزمة المحروقات تكشف الوجه العاري للاقتصاد المغربي، حيث تسيطر شركات محدودة على السوق وتتحكم في الأسعار بشكل شبه مطلق. ويتهم مراقبون رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بصفته فاعلاً رئيسياً في هذا القطاع، بالاستفادة المباشرة من غياب الإصلاح ومن انهيار مصفاة “سامير” التي كانت صمام أمان للأمن الطاقي.

سامير.. جرح نازف في قلب الاقتصاد

قضية مصفاة المحمدية لا تزال شاهداً على فشل الدولة المغربية في حماية أمنها الطاقوي. تعطيل المصفاة منذ سنوات حرم المغرب من أداة استراتيجية للتكرير والتخزين، وجعل البلاد رهينة للواردات الخارجية والاحتكار الداخلي، في وقت كان بالإمكان استثمارها كرافعة للاقتصاد الوطني.

احتجاجات الصحة.. قمع بدل الحوار

في موازاة الأزمة المعيشية، انفجرت موجة احتجاجات اجتماعية مرتبطة بتردي أوضاع المستشفيات العمومية. بدلاً من الإصغاء للمطالب الشعبية المتعلقة بالحق في الصحة، لجأت السلطات إلى منع الوقفات، التدخل الأمني العنيف، واعتقال المحتجين، كما حدث في مدن مثل الصويرة وبني ملال وطاطا.

خطاب رسمي منفصل عن الواقع

حكومة المخزن تروج لخطاب “الإصلاحات الكبرى” في الصحة والتعليم، لكنها على الأرض تواجه الشارع بالمنع والترهيب. هذا الانفصام بين الخطاب والممارسة يعمق أزمة الثقة بين الدولة والمواطن، ويغذي قناعة متزايدة بأن الإصلاحات مجرد شعارات للاستهلاك السياسي والإعلامي.

البعد السياسي للأزمة

ما يجري لا يمكن فصله عن طبيعة النظام السياسي المغربي، حيث يتم خنق أي معارضة فعلية أو مبادرة مدنية مستقلة. فالمخزن يفضل المقاربة الأمنية على الحلول السياسية والاقتصادية، ويعتبر الشارع خطراً يجب احتواؤه لا مصدراً للشرعية.

صمت رسمي وتململ شعبي

رغم الاحتقان المتزايد، يلتزم المسؤولون بالصمت أو بعبارات مطمئنة لا تقنع الشارع. في المقابل، تتسع رقعة الغضب وتتزايد الدعوات لمزيد من الاحتجاجات، مما ينذر بدخول المغرب في دورة جديدة من التوتر الاجتماعي.

المجتمع المدني تحت الضغط

الجمعيات الحقوقية، وعلى رأسها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، باتت في مرمى الحملة الرسمية، إذ يتم التضييق على أنشطتها واستهداف مناضليها بالاعتقال أو التشويه الإعلامي. هذا الوضع يهدد المساحات القليلة المتبقية للتعبير السلمي.

الأمن أولاً.. التنمية لاحقاً

يتضح من السياسات المتبعة أن الأولوية ليست للتنمية ولا للعدالة الاجتماعية، بل لترسيخ القبضة الأمنية. هذا الخيار يعمّق الفجوة بين الدولة والمجتمع، ويجعل أي انفجار شعبي مستقبلي أكثر احتمالاً وأقل قابلية للاحتواء.

صورة المغرب في الخارج

تتصاعد الانتقادات الدولية بشأن أوضاع حقوق الإنسان والحريات في المغرب، خصوصاً مع تكرار مشاهد القمع والاعتقالات التعسفية. هذه الصورة تهدد الخطاب الرسمي الذي يسوق المغرب كـ“نموذج للاستقرار والانفتاح” في المنطقة.

أخنوش في قلب العاصفة

رئيس الحكومة يجد نفسه في موقع متناقض: رجل أعمال يستفيد من أزمة المحروقات، وفي الوقت نفسه مسؤول سياسي مطالب بحلول. هذا التداخل بين السلطة والثروة يثير غضب الشارع، ويغذي الاتهامات بوجود تضارب مصالح يضرب مصداقية الحكومة.

بين الهيلولة والاحتجاج

في مشهد يعكس الأولويات الرسمية، يتم استقبال وفود أجنبية وتنظيم احتفالات دينية كبرى، في وقت يُقمع فيه المواطنون المطالبون بحقهم في الصحة أو العيش الكريم. هذه المفارقة تزيد من شعور المغاربة بالتهميش وفقدان الثقة في الدولة.

هل يتجه المغرب نحو انفجار اجتماعي؟

كل المؤشرات تنذر بأن البلاد تقف على صفيح ساخن. الغلاء، الاحتكار، القمع، وانعدام الثقة، كلها عناصر تُغذي احتمالات انفجار اجتماعي يصعب التنبؤ بتداعياته.

الحاجة إلى بديل حقيقي

ما يطالب به الشارع ليس معجزات، بل إصلاحات ملموسة: تشغيل مصفاة سامير، ضبط أسعار المحروقات، دعم الخدمات الصحية، وتوسيع الهامش الديمقراطي. لكن غياب إرادة سياسية حقيقية يجعل هذه المطالب أقرب إلى الأحلام المؤجلة.

المغرب يقف اليوم أمام خيارين: إما الاستمرار في سياسة القمع والاحتكار، بما يحمله ذلك من مخاطر الانفجار، أو الانصات إلى نبض الشارع وفتح الباب أمام إصلاحات جذرية تعيد الثقة بين الدولة والمواطن.

رابط دائم : https://dzair.cc/x3xj نسخ