20 سبتمبر، 2025
ANEP السبت 20 سبتمبر 2025

المغرب في قمة الدوحة: صمت مُدان وموقف مخزي أمام العدوان الصهيوني

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
المغرب في قمة الدوحة: صمت مُدان وموقف مخزي أمام العدوان الصهيوني

في ظل انعقاد القمة العربية-الإسلامية الطارئة في الدوحة لبحث العدوان الصهيوني على قطر، برز غياب واضح وصامت للمغرب عن إلقاء كلمة، رغم حضور الأمير مولاي رشيد وزيرًا ممثّلًا عن الملك محمد السادس. لم يلقِ أي خطاب علني، ولا تلا بيانًا رسميًا، وكأنه اختار الصمت الاحترازي على الوقوف الموحد مع التنديد العدواني لبلدان عربية وإسلامية أخرى. هذا الصمت لا يُقرأ إلا كموقف سياسي بارد، وتغافل مريب عن قراءة الأخطار التي تتهدد القضية الفلسطينية.

وبينما أعلنت قمة الدوحة عن ثلاث أنواع من المواقف في قمتها: الموقف المبدئي بالإدانة، والموقف العملي بالضغط على الكيان الصهيوني، والموقف المرجعي لحق التسوية، اختار المغرب أن يكون خارج هذا المربع. لا التزام رسمي، ولا رغبة حقيقية في مواجهة التطبيع العدواني. موقف رسمي يُقرأ في السياق الأخلاقي والسياسي بأنه تماهي مع سياسة التطبيع التي سبق للمغرب توقيعها.

وحول السؤال عن حضور المغرب وتأثيراته، فإن وقوفه الحيادي (أو المتلكئ) أمام “مشروع قرار مراجعة العلاقات مع إسرائيل”، يجعل أرضية التباين واضحة: قمة الدوحة تطلب تحركًا جماعيًا من فوق المنبر الرسمي، بينما المغرب يصمت، ويكتفي بتمثيل شكلي دون كلمة تُسجل في الملف الختامي أو تُوّجه رسالة واضحة لموقف شعوب المنطقة.

وقد لاحظ مراقبون أن عشرات الدول اختارت النهج نفسه: الصمت أو الامتناع عن تخصيص كلمات علنية. لكن موقف المغرب تحديدًا يوحي بأن الدولة اختارت سلامة طريق التطبيع على حساب التمسك بالثوابت، حتى وإن تعرّضت الصورة الداخلية للمؤسسة إلى أزمة واتهام بالخضوع.

كما أكدت المصلحة المغربية في تكرار تأكيد دورها في لجنة القدس – التي يرأسها الملك – دون أي تمايز واضح في العمل السياسي الخارج، فبرزت رسالة مزدوجة: دعم رمزي فقط، وموقف دبلوماسي محايد عند العلن. وهذا التناقض يطرح أسئلة عن مدى استقلال القرار الوطني أمام تحالفات التطبيع والضغوط الخارجية.

المخزن اختار الخط الاحتيالي: حضور يشبه الحفل الرسمي، وغياب عن المشهد السياسي، وتصريحات لامعة عبر بيان ينعكس في صورة رمزية أكثر من موقف حقيقي ميداني. المغرب يبدو في موقع دولة سيادية تُدافع عن مصالحها، في وقت اختار أن يُغيّب صوته عن القمة التي تصدت لإدانة العدوان والضغط على الكيان الصهيوني.

هذا التكتيك لا يُعتبر واقعيًا في مواجهة تصاعد العداء العدواني تجاه غزة والمقاومة وحركة حماس. بل هو نزعة سياسية تمشي على حبل التطبيع، بعيدًا عن الضغائن الشعبية والعالمية. فالتحرك الدبلوماسي الإيجابي – ولو بدا أحيانًا رمزيًا – أفضل من الصمت الذي يُفهم على أنه موقف مرحّب بالتطبيع أو نحو الحياد السافر.

في نهاية المشهد، يُكتب هذا الصمت تاريخيًا كدليل إضافي على أن اتفاقات أبراهام جلبت ليس فقط دفعًا نحو التطبيع، بل ضغطًا صامتًا جعل بعض الدول تختار أن تكون في الظلال بدل مواكبة الموقف الجماعي الصارم. والآن، يُطرح السؤال على المغاربة: أيّ نموذج للسيادة تريدونه؟ نموذج صامت يُرضي الخارج؟ أم نموذج يفتخر بثوابته ويقولها بوضوح؟

رابط دائم : https://dzair.cc/i1d7 نسخ