الخميس 17 جويلية 2025

أجهزة المخزن القمعية تضطهد الصحراويين على الأراضي الإسبانية وحكومة سانشيز تغض الطرف عن جرائمها

تم التحديث في:
بقلم: أحمد عاشور
أجهزة المخزن القمعية تضطهد الصحراويين على الأراضي الإسبانية وحكومة سانشيز تغض الطرف عن جرائمها

نحن الصحراويون. نحن مجتمع يعيش بين عالمين: عالم مُستعمَر ومُنتهك منذ ما يقرب من نصف قرن، والآخر – العالم الإسباني – الذي يحرمنا منهجيًا من صوتنا، رغم أننا نشأنا ودرسنا وعملنا هنا. ما عانيناه في السنوات الأخيرة في إسبانيا ليس مجرد اختفاء، بل هو اضطهاد سياسي وعنصري واجتماعي، مصحوبًا بصمت مُطبق من قِبل أولئك الذين يدّعون الدفاع عن الأممية البروليتارية والنسوية ومناهضة العنصرية.

هجمات ومضايقات: عنف مستمر

لقد تعرضنا نحن الصحراويون للهجوم في المظاهرات، وللمضايقات العلنية بسبب موقفنا المؤيد لحق تقرير المصير في الصحراء الغربية، ووُصفنا بـ”أعداء التعددية الثقافية” في كل مرة ندين فيها الاستغلال السياسي للهجرة من قِبل المخزن المغربي. في فيغو، تعرضت شابة صحراوية للضرب لكونها صحراوية.

وفي تجمعات عامة أخرى، مثل التجمع الذي نظمته المؤسسة الأوروبية العربية للصحراء وفلسطين، حشدت القنصلية المغربية نفسها مواطنين مغاربة لمضايقة وترهيب المنظمين والمشاركين، مما حال دون سير الأحداث بشكل طبيعي.

خلال احتجاجات الشوارع، نادرًا ما يبادر الشعب المغربي لمضايقة المتظاهرين. لم ينطق أحد بكلمة. لم تُندد أي منظمة غير حكومية “مناهضة للعنصرية” بالأمر. ولم تُنشر أي وسيلة إعلامية رئيسية عنه. وإذا نطقنا به، وإذا تجرأنا على رفع أصواتنا، نُتهم بالتحريض على الكراهية. نُوصف بالنازيين لمجرد إدانتنا للهجمات السياسية التي تُنظمها قوة احتلال. وكأن إدانة الظالم باسمه ولقبه تجعلنا فاشيين تلقائيًا. هذه هي المفارقة: باسم مكافحة العنصرية، تُطمس عنصرية الدولة المغربية، ويُكتم صوت الشعب الصحراوي.

العنصرية ضد من؟

يطالبنا اليسار المؤسساتي ونشاط “هاغستاغ”، أي نشاط غرف المعيشة، بأن ننظر إلى الطبقة العاملة المهاجرة ككتلة واحدة متجانسة، خالية من الفروق الدقيقة. يطلبون منا ألا نفرق بين المجتمعات، وبين العمليات السياسية، وبين التواريخ الوطنية. يطلبون منا ألا نقول إن جزءًا من الهجرة المغربية مُؤدلج ومُفعّل كذراع ناعمة للمخزن. يطلبون منا التزام الصمت عندما تُضايقنا هذه الجماعات نفسها، أو تُهاجمنا، أو تمنعنا من التعبير عن أنفسنا. المغرب يطالب في رسالةٍ من فييجو بدعم “الصحراء المغربية” في ظل إغلاق مكاتب الجمارك في سبتة ومليلية

ما لا تفهمه العديد من القطاعات التقدمية – أو لا تريد أن تفهمه – هو أن تجانس الطبقة العاملة المهاجرة ليس مناهضًا للعنصرية: إنه عنصريٌّ وطبقيٌّ للغاية. إنه يُجرّدهم من إنسانيتهم. يُحوّلهم إلى كتلةٍ بلا هوية، بلا تاريخ، بلا سياق، لا فائدة منها إلا لثلاثة أشياء: التنظيف، والخدمة، وتصدر عناوين الصحف. للأخبار أو لخطوط التجميع.

يطلبون منا ألا نقول إن جزءًا من الهجرة المغربية مُؤدلج ومُفعّل كذراعٍ ناعمةٍ للمخزن

لكننا لسنا “هجرة”. نحن صحراويون. لدينا تاريخٌ خاص. شعبٌ خاص. قضيةٌ سياسيةٌ معترفٌ بها دوليًا. ولنا أيضًا الحق في التنديد عندما تُستخدم هذه الهجرة – وخاصة الهجرة المنظمة من المغرب – كأداة للضغط أو القمع أو الإسكات السياسي.

المغرب ليس مجرد دولة: إنه نظام ذو أذرع

في غضون ذلك، وثّقنا وأبلغنا عن حالات ترحيل قسري للصحراويين، حتى أثناء إجراءات اللجوء. كما استنكرنا العراقيل المنهجية التي نواجهها في مكاتب الهجرة واللجوء: تأخيرات، ورفض غير مبرر، وتلاعبات بيروقراطية. غالبًا ما يقوم بهذه الأعمال مسؤولون أو مؤسسات متحالفة مع المصالح المغربية، يعملون كشركاء صامتين لنظام يضطهدنا داخل الأراضي الإسبانية وخارجها. هذا شكل آخر من أشكال القمع، أقل وضوحًا، ولكنه بنفس القدر من الفعالية: حرماننا من إمكانية العيش بشكل قانوني وبكرامة.

المغرب لا يُصدّر الهجرة الاقتصادية فحسب، بل يُصدّر أيضًا أيديولوجيته، وشبكات نفوذه، وأجهزته القمعية.

لا يُصدّر المغرب الهجرة الاقتصادية فحسب، بل يُصدّر أيضًا أيديولوجيته وشبكات نفوذه وأجهزته القمعية. ويستخدمها داخل إسبانيا: في الأحياء، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وفي المناسبات العامة، وفي القنصليات التي تُمثّل امتدادًا للمخزن. ويفعل ذلك دون عقاب، لأن أي حزب إسباني، يسارًا كان أم يمينًا، لا يرغب في رفع صوته أكثر من اللازم.

إن الخوف من كسر محرّم حُسن الجوار مع الرباط قد حوّل الجالية الصحراوية إلى ضحية مزدوجة: مضطهدة من المغرب، ومُكمّمة من إسبانيا. والأمر الأكثر إيلامًا هو أنه لو كان الخطاب المناهض للعنصرية في إسبانيا صادقًا حقًا، لكان قد كشف بالفعل عن التفوق الهيكلي للنظام المغربي. لأن المغرب ليس مثالًا للتعايش: إنه نظام هرمي، استبدادي، وعنصري.

تُمارس سلطاته تمييزًا علنيًا ضد السكان غير العرب، في المناطق الطرفية مثل الريف والصحراء، وتُرتكب مجازر بحق المهاجرين من جنوب الصحراء دون خجل. تتناقض صور حدود الناظور، حيث لقي العشرات من السود حتفهم أثناء محاولتهم عبور مليلية، تناقضًا صارخًا مع فتح الأسوار المتعمد للسماح للمواطنين المغاربة بدخول سبتة أو مليلية متى شاءت الرباط. هذا هو الوجه الحقيقي لعنصرية الدولة التي لا يريد أحد رؤيتها. ومع ذلك، هنا، باسم الصوابية السياسية، يُدافع عن الجلاد ويُتجاهل الضحايا.

الأمر الأكثر إيلامًا هو أنه لو كان الخطاب المناهض للعنصرية في إسبانيا صادقًا حقًا، لكان قد كشف بالفعل عن التفوق الهيكلي للنظام المغربي

لقد اعتدنا نحن الصحراويون على هذا التخلي، وهذا القمع الصامت، وتعلمنا تنظيم أنفسنا. نفعل ذلك داخل الدولة الإسبانية وخارجها. ندعم بعضنا البعض، ونحمي بعضنا البعض، ونُبلغ بعضنا البعض. ولسنا وحدنا.

كما طورت مجتمعات مهاجرة أخرى أشكالًا من المقاومة ضد المضايقات الهيكلية والعنف الرمزي والجسدي. في لافابيس، على سبيل المثال، تُنظّم مجموعات من السنغاليين أنفسهم للدفاع عن أنفسهم عندما يحاول شباب مغاربة – اعتادوا مطاردتهم على جبل غوروغو في المغرب – أن يفعلوا الشيء نفسه هنا في إسبانيا.

ما كان في السابق اضطهادًا حدوديًا ينتقل الآن إلى شوارع الحي. لكن هذه المرة هناك رد فعل، هناك مجتمع، هناك هيكل. والشيء نفسه يحدث فيما حدث مؤخرًا في توري باتشيكو. عندما ينتفض شعب للمطالبة بالأمن والكرامة والمساءلة المؤسسية، فهذا ليس عنصرية: إنه تنظيم ذاتي شعبي ضد إهمال وظائف الدولة الغائبة. لأنه عندما تتجاهل الحكومة، يستجيب الشعب. وإذا وقع عنف، فذلك لأن انعدام الحماية قد وصل إلى مستويات لا تُطاق. إن استغلال البعض للفوضى لزرع الكراهية لا يمكن أن يُبطل الأسباب الحقيقية التي تُحرك السكان: التعب، وانعدام الأمن، والشعور بأنهم تُركوا لمصيرهم.

واجب التسمية

التسمية ليست كراهية. التسمية ليست تمييزًا. إن التسمية تعني إدراك الاختلافات، والصراعات الحقيقية، وأنظمة السلطة التي تؤثر علينا. عندما نشير نحن الصحراويين إلى وجود شريحة مُسيّسة بعمق في الهجرة المغربية – وغالبًا ما تُحرّكها مصالح النظام – فإننا لا نُشوّه سمعتها: نحن نطالب بالعدالة والحقيقة.

نطالب بالاعتراف بوجود أشخاص يفرّون من المغرب، ولكن أيضًا بوجود أشخاص يُمثّلون ويُعيدون إنتاج هياكل القمع هنا. وأنّ جزءًا من المؤسسات المُناهضة للعنصرية – العمياء، والمُجرّدة، والنخبوية – مُتواطئ في هذا الصمت.

مترجم عن الإسبانية، مقال على صحيفة “الإندبندينتي” بقلم توفيق مولاي صحراوي من مُخيّمات اللاجئين، وعضو في جبهة البوليساريو، وناشر لأفريقيا والصحراء الغربية.

رابط دائم : https://dzair.cc/1pr3 نسخ