أكدت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بالمغرب في تقرير رسمي عُرض اليوم الأربعاء أمام لجنة المالية بمجلس النواب المغربي، أن الوضع العام للفساد في المغرب “ما زال مقلقاً”، مسجلاً تراجعاً واضحاً في مختلف المؤشرات الدولية خلال السنوات الأخيرة، رغم الخطابات الرسمية المتكررة حول “الإصلاح ومحاربة الرشوة”.
وبحسب معطيات الهيئة، فقد تراجع المغرب في مؤشر إدراك الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية من المرتبة 87 عام 2021 إلى المرتبة 99 في عام 2024، وهو ما يعكس – وفق التقرير – “غياب التقدم الفعلي في محاصرة الفساد في مفاصل الإدارة والمؤسسات العمومية”.
كما سجل التقرير تدهوراً كبيراً في مؤشر “سيادة القانون” التابع لمشروع العدالة العالمي، إذ انخفض تصنيف المغرب في المجال الفرعي “غياب الفساد” من المركز 47 عام 2015 إلى المركز 95 في 2024، مما يبرز – حسب الهيئة – “تنامي مظاهر الإفلات من العقاب وضعف الرقابة المؤسساتية”.
أما في مؤشر بيرتلسمان للتحول، فقد انتقل المغرب في المؤشر الفرعي الخاص بالتحول السياسي من المرتبة 74 سنة 2006 إلى المرتبة 106 سنة 2024، نتيجة تراجع مؤشرات المشاركة السياسية واستقلال القضاء والاندماج الاجتماعي.
وأظهرت نتائج المؤشر العالمي لمخاطر الرشوة أن المغرب سجل سنة 2024 درجة خطر بلغت 56، متجاوزاً المتوسط العالمي البالغ 48.7، مع ارتفاع مستوى الخطر في مجال شفافية الحكومة والإدارة العامة، مقابل انخفاض طفيف في بعض مؤشرات الردع والرقابة المدنية.
وفي ما يتعلق بتنفيذ التوصيات الدولية لمكافحة الفساد الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أوضح التقرير أن المغرب لم يحقق سوى 33% من الضمانات التنظيمية فعلياً، كما لم يُنفَّذ أي إجراء عملي في مجال “الضغط السياسي”، حيث يسجل صفراً في المئة في التطبيق العملي.
وأكدت الهيئة المغربية أن مكافحة الفساد ليست مجرد شعار أو معركة أخلاقية، بل “معركة من أجل سيادة القانون وكرامة المواطن”، مشددة على أن الإرادة السياسية والمساءلة الفعلية تمثلان حجر الزاوية في أي إصلاح حقيقي.
واختتمت الهيئة عرضها بالتأكيد على أن بناء منظومة وطنية للنزاهة يمثل “المدخل الجوهري لاستعادة الثقة في المؤسسات وتعزيز التنمية”، داعية إلى مقاربة شمولية تُدمج الوقاية، والثقافة المؤسسية، والمساءلة المجتمعية في صميم الفعل العمومي.
