23 أكتوبر، 2025
ANEP الخميس 23 أكتوبر 2025

“جيل زد” ينفجر من جديد نهاية الأسبوع: الشارع يطالب بالحرية والمعتقلين يعودون إلى واجهة الصراع

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
“جيل زد” ينفجر من جديد نهاية الأسبوع: الشارع يطالب بالحرية والمعتقلين يعودون إلى واجهة الصراع

تشهد الساحة المغربية منذ أسابيع حالة متصاعدة من التململ الشعبي قادها شباب “جيل زد”، الذين أعلنوا عن تجديد احتجاجاتهم في عدد من المدن يومي السبت والأحد، في خطوة تعبّر عن رفضهم للوضع القائم ومطالبتهم بإصلاحات جذرية تضع حدًّا لما يعتبرونه انسدادًا سياسيًا واجتماعيًا خانقًا. هذا الجيل، الذي نشأ في عصر الإنترنت والانفتاح الإعلامي، لم يعد يقبل بسياسات الصمت ولا بخطاب التهدئة الذي درج عليه النظام المغربي المعروف بسيطرة المخزن على مفاصل الحياة العامة.

في بياناتهم الأخيرة، شدّد شباب “جيل زد” على أن حراكهم السلمي مستمر، وأن ما تحقق من إجراءات اقتصادية، مثل الرفع من ميزانيتي الصحة والتعليم، لا يُعتبر كافيًا ما لم يقترن بإصلاح سياسي حقيقي يضمن محاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة. غير أن جوهر مطالبهم ظلّ متمحورًا حول إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتجاجات السابقة، وهو المطلب الذي أصبح اليوم رمزًا لمواجهة صامتة بين الشارع المغربي والسلطة. فالإفراج عن المعتقلين، بالنسبة لهؤلاء الشباب، ليس مجرد إجراء إنساني، بل اختبار حقيقي لمدى استعداد الدولة لاحترام الحريات وحقوق الإنسان، بدل الاكتفاء بالشعارات التي تُسوّق للخارج عن دولة منفتحة وديمقراطية.

هذا الحراك الشبابي الجديد يضع المخزن في مأزق غير مسبوق، إذ يواجه جيلًا مختلفًا عن الأجيال السابقة؛ جيلًا لا ينتمي للأحزاب ولا يعترف بولاءات الماضي، ولا يمكن احتواؤه بالأساليب الأمنية أو الوعود المكررة. إنه جيل وُلد بعد الحراك المغربي لسنة 2011، وشبّ على مشاهد القمع وتدهور المعيشة، فاختار أن يُعبّر بلغته الرقمية وبوعيه الخاص عن غضبه من التفاوتات الاجتماعية التي تتسع كل يوم، وعن التناقض الصارخ بين خطاب الدولة حول التنمية، والواقع المرير الذي يعيشه ملايين المغاربة في المدن والقرى.

وفي ظل هذه الأجواء، يواصل النظام المغربي تمسكه بأسلوب إدارة الأزمة بدل حلّها، معتمدًا على الدعاية الرسمية التي تُجمّل وجه السلطة وتتهم الأصوات المنتقدة بالعمالة أو زعزعة الاستقرار. لكن ما لم يفهمه المخزن بعد، هو أن هذا الجيل لا يخاف من الاتهامات ولا يُرهبه القمع، لأنه جيل يرى في الحرية حقًا أصيلًا لا منّة من أحد، ويرى في استمرار الاعتقالات السياسية وصمة عار على جبين دولة تزعم الانتماء إلى الحداثة.

المراقبون يرون أن الاحتجاجات المرتقبة نهاية الأسبوع ليست سوى بداية موجة جديدة من الحراك الاجتماعي في المغرب، عنوانها الأبرز رفض التسلط واستعادة الكرامة. فالمخزن الذي بنى شرعيته على الضبط الأمني والمناورة السياسية يجد نفسه اليوم أمام معادلة صعبة: إما أن يستجيب لمطالب الشارع ويفتح الباب أمام إصلاح حقيقي، أو أن يغامر بمزيد من التوترات التي قد تفلت من السيطرة.

لقد آن الأوان، كما يردد شباب “جيل زد”، لأن يسمع المخزن صوت الأجيال التي لم تعد تؤمن بالولاءات القديمة، ولا بوعود القصر، ولا بخطاب “الاستقرار مقابل الصمت”. إنهم شباب يريدون وطنًا يتسع للكرامة والحرية، لا دولة تُدار بالعصا والولاء، ويبدو أن زمنهم قد بدأ، مهما حاول النظام تجاهل صرخاتهم المتصاعدة من الشوارع إلى الفضاء الرقمي.

رابط دائم : https://dzair.cc/jkgo نسخ