28 سبتمبر، 2025
ANEP الأحد 28 سبتمبر 2025

جيل شبابي يتمرّد على المخزن: عندما يتحول القمع إلى وقود للغضب يحرق الأخضر واليابس ويهز عرش محمد السادس

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
جيل شبابي يتمرّد على المخزن: عندما يتحول القمع إلى وقود للغضب يحرق الأخضر واليابس ويهز عرش محمد السادس

لم يعد المشهد المغربي يحتمل مزيداً من المساحيق التجميلية التي ألف نظام المخزن وضعها لتبييض صورة عائلة ملكية شمطاء. ما يقع في شوارع الرباط والدار البيضاء ومدن أخرى يومي 27 و28 سبتمبر 2025 يثبت أن جيلاً جديداً من الشباب المغربي، هو جيل زد، قرّر أن يصرخ في وجه المخزن: كفى، لقد انقضى أجلك وهذا زماننا نقرر فيه مصيرنا بأيدينا!

هؤلاء الشباب المغاربة الأحرار الرافضين لممارسات سلطات المخزن القمعية، الذين نظموا أنفسهم عبر تطبيقات رقمية عابرة للرقابة، لم ينزلوا إلى الشارع من أجل الترف، بل من أجل حقوق أولية: عمل يضمن الكرامة، تعليم لا يفرّق بين الأغنياء الذين رضي عنهم الملك محمد السادس والفقراء الذين أبقاهم المخزن في أسفل قاع المهانة والذل، صحّةٌ لا تُقاس بطول الأكتاف وكم يوجد في الجيب، وعدالة اجتماعية تُطبق على الجميع.

لكن المخزن الفاسد، كعادته، لم ير في هذا الحراك سوى “تهديداً للاستقرار”، فاختار أسهل ما يعرفه: العصا الغليظة والبطش والتنكيل بأبناء الوطن. هراواتٌ، تفريق وقفات سلمية، اعتقالات عشوائية، وتكميم أفواه فنّانين وطلاب. هذه ليست سياسة، بل هروب بائس إلى الأمام.

الباحثة المغربية في علم الاجتماع سميرة مزبار وصفت الأمر بوضوح: “المقاربة الأمنية لا تجدي مع هذا الجيل”. جيل وُلد في رحم الإنترنت، لا يخاف لغة الخشب التي تحسن آلة المخزن الدعائية صياغتها وترويجها، ولا يبتلع التخويف. جيل يعتبر الخطأ تجربة، والاعتقال وساماً، والقمع وقوداً لمزيد من الغضب.

المخزن اليوم يكرر نفس السيناريو الذي ارتكبه في حراك الريف في الحسيمة، ومع حراك فجيج، واحتجاجات البطالين. والنتيجة دائماً واحدة: احتقان أكبر، شرخ أعمق، وفقدان لما تبقى من الثقة بين الدولة ومواطنيها. بدل مواجهة البطالة والفساد والانهيار الاجتماعي، يصر المخزن على مطاردة الأشباح وضرب المتظاهرين.

الجيل الجديد لن يختفي. بحلول 2030، سيكون أغلبهم في قلب المجتمع، في مواقع القرار والقيادة، متشبّعين بفكرة أن المخزن عدوّ طموحاتهم، لأنه هو من أجهض أحلامهم وحطم آمالهم. فهل يدرك النظام المغربي أنه يُراكم عداءً تاريخياً مع شريحة تمثل مستقبل البلاد؟

لقد حان الوقت لنقولها بلا تردّد: “المخزن يخاف شباب المغرب أكثر مما يخاف أزماته البنيوية”، هكذا يصرخ أبناء المغرب الحقيقيين. المخزن يخشى الحقيقة التي يصرخ بها الشارع: أن الدولة التي لا تصغي لشبابها محكوم عليها بالانهيار.

“جيل زد” الأصيل لا يطلب المستحيل. يطلب فقط أن يُعامل كمواطن كامل، لا كملف أمني. والمخزن، إن استمر في الغباء السياسي، فلن يجني إلا مزيداً من الانفجارات القادمة التي ستطالب بإسقاطه وبإنهاء حكم الملك محمد السادس من أجل تأسيس نظام حكم جديد ينبع من البيئة المغربية الشعبية والجماهيرية الأصيلة والحقيقية ويمثلها بشكل صحيح وعادل.

المخزن اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يستمع إلى صرخة أبناء المغرب ويستجيب لمطالبهم بالتغيير والقطيعة مع العمالة للصهاينة واتباع الأجندات الأجنبية المشبوهة التي تسببت في بيع المغرب للخارج وكان الثمن الذي دفعه المغاربة تنمية محلية متوقفة بل تتراجع إلى الخلف وفوارق اجتماعية مرعبة، أو أن يستمر في دفن رأسه في رمال القمع. لكن التاريخ علّمنا شيئاً واحداً: الشعوب لا تُهزم، والمخزن مهما طال عمره، إلى زوال.

رابط دائم : https://dzair.cc/p8sq نسخ