الأربعاء 17 ديسمبر 2025

حين يسقط القناع: أموال الإرهاب تكشف حقيقة “الماك” ومن يقف وراءها.. بقلم: معمر قاني

نُشر في:
بقلم: معمر قاني
حين يسقط القناع: أموال الإرهاب تكشف حقيقة “الماك” ومن يقف وراءها.. بقلم: معمر قاني

لم يعد بالإمكان تسويق حركة “الماك” كـ“تعبير ثقافي” أو “نشاط حقوقي”، بعد أن بدأت الحقائق تخرج من دهاليز المال القذر، ففتح النيابة المالية الوطنية بفرنسا تحقيقًا موسعًا حول تحويلات مالية مشبوهة بملايين اليوروهات وُجّهت إلى قادة هذه الحركة الإرهابية، يشكّل لحظة فاصلة تُسقط آخر أوراق التوت عن مشروع لم يكن يومًا سياسيًا ولا ثقافيًا، بل أداة تخريبية مغلّفة بشعارات كاذبة.

التحقيق الفرنسي لا يتحدث عن تبرعات عادية أو دعم رمزي، بل عن تدفقات مالية ضخمة جرى تمريرها عبر جمعية “غير ربحية”، استُخدمت كواجهة لتبييض الأموال وتمويل نشاطات مشبوهة بعيدًا عن أعين الرقابة، هذا المعطى وحده كافٍ لنسف الرواية التي حاولت قيادات “الماك” تسويقها لسنوات، والادعاء بأنها حركة سلمية أو مطلبية، بينما الواقع يؤكد أنها تنظيم يعتمد منطق الشبكات السرية والتمويل غير القانوني، وهي سمات لا تنفصل عن أي بنية إرهابية.

الأخطر في هذه القضية ليس فقط حجم الأموال، بل المسار الذي سلكته: جمعيات وهمية، قنوات ملتوية، وقيادات تتحرك في الخارج تحت حماية الخطاب “الحقوقي”، بينما تمارس في الخفاء كل ما يناقض القانون والأخلاق، وهنا يُطرح السؤال الجوهري نفسه: كيف سُمِح لهذه الشبكات أن تنشط لسنوات داخل الفضاء الأوروبي دون مساءلة؟ ومن كان يوفر لها الغطاء السياسي والإعلامي؟

تحرك القضاء الفرنسي، عل الرغم من تأخره، يحمل دلالة واضحة: حين يصل المال القذر إلى مستوى يهدد المنظومة القانونية والمالية، تسقط الحسابات السياسية، ويصبح الصمت مستحيلاً، وهذا ما يكشف تناقضًا صارخًا في تعامل بعض الدوائر الأوروبية مع الجماعات المتطرفة، إذ يتم التغاضي عنها طالما تُستَخدم كورقة ضغط، ثم يُصار إلى محاسبتها فقط عندما تفضحها الأرقام والتحويلات البنكية.

إن قضية “الماك” اليوم لم تعد شأنا جزائريًا داخليًا كما يحاول البعض الترويج، بل ملفًا أمنيًا وماليًا عابرًا للحدود، يضع الداعمين والممولين تحت مجهر العدالة الدولية، فالتمويل غير المشروع ليس رأيًا سياسيًا، وتبييض الأموال ليس “نشاطًا ثقافيًا”، والارتهان لشبكات خارجية لا يمكن تبريره بأي خطاب هوياتي أو انفصالي.

ما تكشفه هذه التحقيقات هو حقيقة مشروع بُني على الكذب والتضليل: قيادة تعيش على الملايين، وقواعد -حت ولو كانت محصورة جداً- تُستَخدم وقودًا للفوضى، وشعارات تُرفع فقط لتبرير الخراب، ومع كل تطور قضائي جديد، تتأكد معادلة واحدة: الإرهاب قد يختبئ خلف الكلمات، لكنه لا يستطيع الاختباء طويلًا من أثر المال.

اليوم، ومع دخول القضاء الفرنسي على الخط، بات واضحًا أن زمن الإفلات من المحاسبة يقترب من نهايته، وأن “الماك” لم تعد مجرد حركة معزولة، بل نموذجًا صارخًا لكيف تتحول الادعاءات السياسية إلى شبكات تمويل مظلمة، لا تختلف في جوهرها عن أخطر التنظيمات الإرهابية، والفرق الوحيد أن العدالة، وإن تأخرت، بدأت أخيرًا تطرق الباب.

رابط دائم : https://dzair.cc/jip2 نسخ

اقرأ أيضًا