الخميس 17 جويلية 2025

دويلة الإمارات تمارس دورها القذر في سوريا من خلال دعم تمرد الدروز بغرض تأجيج الوضع في إطار مساعيها لفرض أجندة تقسيم البلاد

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
دويلة الإمارات تمارس دورها القذر في سوريا من خلال دعم تمرد الدروز بغرض تأجيج الوضع في إطار مساعيها لفرض أجندة تقسيم البلاد

تشير التطورات المتسارعة في جنوب سوريا، خاصة فيما يتعلق بتحركات الطائفة الدرزية، إلى وجود ملامح خطة إقليمية معقَّدة تتقاطع فيها الأدوار الإماراتية والإسرائيلية، بهدف إعادة تشكيل خرائط النفوذ داخل سوريا بعد انهيار نظام بشار الأسد وصعود حكومة إنقاذ ذات توجه إسلامي إلى السلطة في البلاد.

يتوسط هذا المشروع سلسلة أحداث سياسية وأمنية رئيسية، أبرزها استقبال الرئيس الإماراتي محمد بن زايد للزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل موفق طريف، ومن ثم استقباله الشيخ حكمت الهجري، زعيم الدروز في سوريا، الذي ارتبط اسمه بتحركات تهدف إلى فصل المناطق الدرزية عن سوريا كجزء من مشروع أوسع للتقسيم.

في تطور استثنائي بتاريخ 14 مارس/آذار 2025، عبر نحو 100 رجل دين درزي من سوريا خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتل، في أول زيارة إلى إسرائيل منذ عقود. جاءت هذه الزيارة بدعوة من الشيخ حكمت الهجري وبالتنسيق مع موفق طريف، تحت حماية الجيش الإسرائيلي. لم تكن الزيارة دينية كما أُشير لاحقاً، بل اتخذت أبعاداً سياسية واضحة؛ حيث أعلن الوفد الدرزي رفضه لحكومة دمشق الجديدة وطالب بالحماية من إسرائيل.

دور الإمارات في الملف الدرزي

تزامن هذا الحدث مع نشاط إماراتي مكثف للتواصل مع الزعامات الدرزية. ففي ديسمبر 2024، استقبل محمد بن زايد الشيخ موفق طريف في أبوظبي تحت شعارات مثل “التعايش” و”الحوار الحضاري”، إلا أن مراقبين منتقدين يرون في هذه اللقاءات محاولة إماراتية لإجهاض الثورة السورية الجديدة وإحداث جيوب انفصالية بالبلاد، خصوصاً في الجنوب ذو الكثافة الدرزية.

وتزايدت الشكوك عندما قام موفق طريف بزيارة أخرى للإمارات في مارس 2025 بعيداً عن الأضواء الإعلامية. خلال هذه الزيارة، وقّع مذكرة تفاهم مع مركز “تريندز للبحوث والاستشارات” الإماراتي، والذي تصفه مصادر سورية معارضة بأنه واجهة استخبارية تُنسِّق مع الأقليات السورية، وبالأخص الطائفة الدرزية.

الإعلام الإماراتي لم يكن بعيداً عن هذه التحركات. فقد لعبت صحيفة “العرب” الإماراتية الصادرة من لندن دوراً لافتاً في الدفاع عن مشايخ الدروز السوريين الذين زاروا إسرائيل، معتبرة أن الطائفة الدرزية تبحث عن الأمن الذي لم تجده داخل سوريا نتيجة التهميش الثقافي والديني.

تنسيق وثيق مع إسرائيل

يتضح من مجريات الأحداث أن التحركات الإماراتية تُنفذ بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي. فبعد توقيع اتفاقية تعاون بين مركز “تريندز” ومجلس طريف الديني في إسرائيل، شهدت محافظة السويداء حركة درزية تطالب بالحماية الإسرائيلية. تزامنت هذه التحركات مع مظاهرات نظمها أنصار النظام السابق في دمشق.

ويُرجح مراقبون أن هذا التنسيق بين الطرفين يهدف إلى خلق حالة من الفوضى الأمنية بسوريا وتأسيس مناطق نفوذ خارج إطار حكومة الإنقاذ الجديدة. وهذا ما تم تأكيده في بيان أصدره حكمت الهجري بتاريخ 12 مارس 2025، حيث انتقد الإعلان الدستوري المؤقت ووصفه بأنه “استبدادي”، مطالباً بإعلان دستوري جديد تشارك فيه “جهات وطنية مختصة”.

تصريحات الهجري جاءت متماشية مع الموقف الإماراتي الذي يظهر عداءً واضحاً للحكومات ذات التوجه الإسلامي في المنطقة. هذه الحملة تأتي أيضاً بعد فشل محاولات الإمارات لاستغلال الورقة الكردية عبر قوات “قسد”، إثر اتفاق المصالحة الذي أبرمه الرئيس السوري أحمد الشرع مع مظلوم عبدي في الشمال.

مشروع تقسيم سوريا

تواصل الإمارات، بالتعاون مع إسرائيل، السعي نحو إيجاد تشكيلات طائفية أو إثنية داخل سوريا تُشكِّل مناطق نفوذ تضمن لها موطئ قدم استراتيجي في البلاد.

في الجنوب، ترتكز الجهود الإماراتية على دعم الطائفة الدرزية، بينما كان للأكراد في الشمال دور في خطة سابقة. إلا أن إدماج قوات قسد ضمن الدولة السورية أدى إلى إفشال تلك الخطة.

أما في الساحل السوري، فقد أشارت تقارير إلى محاولات إماراتية لتجنيد ضباط علويين سابقين من النظام بهدف الإطاحة بالحكومة الجديدة وإنشاء كانتون علوي تحت الهيمنة الإماراتية. هذه المساعي تسعى لتحقيق هدفين رئيسيين: المشاركة في السيطرة على موارد الغاز والنفط في البحر المتوسط، والحدّ من توسع النفوذ التركي في سوريا.

الدكتور محمد شمص، أستاذ الإعلام في الجامعة اللبنانية، أشار إلى أن طحنون بن زايد، مستشار الأمن القومي الإماراتي، أشرف على غرفة عمليات لتجنيد ضباط علويين من أجل السيطرة على مدن الساحل السوري مثل اللاذقية وطرطوس. ومع ذلك، فشلت هذه الخطة بسبب كشفها وعدم وجود دعم شعبي لها.

تقرير موقع Middle East Eye البريطاني نوّه إلى أن سقوط نظام بشار الأسد أفشل خطة إماراتية إسرائيلية تهدف لتقسيم سوريا إلى ثلاثة أقاليم: إقليم كردي في الشمال الشرقي، ودرزي في الجنوب، مع إبقاء الأسد تحت وصاية إماراتية في دمشق. الهدف الأساسي كان قطع الصلات بين سوريا وإيران وحزب الله، وتقليص النفوذ التركي في شمال وغرب البلاد.

الوكيل الإماراتي

يرى بعض المحللين أن الإمارات تلعب دوراً فعّالاً في تنفيذ أجندة إسرائيلية تهدف إلى إعادة تشكيل الوضع في سوريا. من خلال تمويل وتنظيم لقاءات بين الزعامات الدينية والأقليات، وفتح قنوات للحوار تحت مظلة مؤسسات بحثية أو مؤتمرات تدعو للتسامح، تسهم الإمارات في دعم جهود تصب في سياق تقسيم سوريا وتعزيز مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية.

على الصعيد العملي، تبدو أبوظبي مدفوعة بمخاوف عميقة تجاه صعود حكومة سورية ذات توجه إسلامي، خشية أن يمتد تأثيرها إلى الداخل الخليجي أو يعطي دفعة لجماعات كالإخوان المسلمين في المنطقة. لذا، تبنت الإمارات استراتيجية استباقية تهدف إلى تقويض أي هيمنة إسلامية محتملة، عبر الاستثمار في القضايا المرتبطة بالأقليات وتغذية حالة الفوضى الأمنية.

لكن رغم هذه التحركات، هناك مقاومة واضحة على الأرض لهذه المشاريع. فقد أفصحت شريحة واسعة من طائفة الدروز السوريين عن رفضها التعاون مع إسرائيل؛ إذ عبّر أهالي بلدة حضر عن استنكارهم للزيارة التي قام بها وفد درزي إلى إسرائيل، مشددين على موقفهم المتمسك بوحدة سوريا.

في ضوء هذه التطورات، يبدو أن الجهود المشتركة للإمارات وإسرائيل تسعى لخلق واقع جديد مبني على الكيانات الطائفية بهدف تحقيق أهدافهما المشتركة. ومع ذلك، يظل الموقف الشعبي المقاوم في الداخل السوري أحد أبرز العوائق أمام تنفيذ هذه المخططات. الوطنية السورية، رغم كل ما تعرضت له من أزمات، تواصل إثبات قوتها كخط دفاع ضد محاولات النيل من وحدة البلاد ومستقبلها.

رابط دائم : https://dzair.cc/rhvx نسخ