يبدو أن دويلة الإمارات المصطنعة استشعرت أخيراً حجمها الحقيقي الذي لا يتعدى الـ 83 ألفاً وبضع الكيلومترات المربعة جغرافيـاً، وسنوات معدودة من التاريخ المليء بالقتل من أجل البقاء في الحكم، فذهبت تلعب مع الكبار آملةً لفت الانتباه نحوها.
الإمارات، اسم حديث ظهر مع نشأتها سنة 1971، بعد أن اتفق زعماء القبائل المتناحرة أخيراً وبعد قرون طويلة، بإيعاز من الدول الغربية، على الاتحاد في كيان سياسي شبيه بالدولة، بما يمكّن تلك الدول من استنزاف البترول والغاز الإماراتي بناء على اتفاقيات دولية، واستخدام الإمارات لأغراض توسعية وتطبيعية مع الكيان الصهيوني.
قبلها لم تكن المنطقة الجغرافية التي تأسست عليها دويلة الإمارات أكثر من أرض قاحلة ذات مناخ قاسٍ، تغلب عليه الحرارة الشديدة والرطوبة المرتفعة وكثرة العواصف الرملية، ما جعل السكن فيها أمراً شبه مستحيل، لا يطيقه سوى عدد قليل جدا من السكان الأصليين الذين تعوّدوا على تلك البيئة وذلك المناخ.
تاريخيا كانت تلك المنطقة جزءا من دولة عمان الضاربة في الزمن، والعريقة في أصولها وثقافتها، فقد شكلت مع جارتها الشرقية اليمن لحمة جغرافية وديمغرافية واحدة، وكانا عن جدارة أسياد البحر بلا منازع، في حين كانت المنطقة التي بنيت عليها الإمارات بعد زمن طويل، ملجأ يحتمي به المطرودون والمجرمون والمنبوذون والملاحقون من قبل السلطات العمانية، فتشكل بها تركيبة سكانية غير منسجمة وغير متآلفة، اضطرت إلى أن تسكن بالقرب من الساحل، لتمنتهن السرقة والقرصنة، حيث كانت تعتمد في عيشها على نهب السفن التي كانت تبحر بين عمان واليمن والهند ودول جنوب شرق آسيا.
ومع مرور الوقت، أخذ ذلك الخليط السكاني غير المتجانس شكل القبائل، التي دخل زعماؤها في صراع على السلطة، ومع مجيء الاستعمار استخدمتهم سلطات الدول الغازية في مآربها الخاصة، في استتباب الأمن بالمنطقة ومنع عمليات القرصنة، مقابل الحصول على مبالغ مالية في شكل رواتب كبيرة جدا.
لكن زعماء القبائل، كانت تنشب بينهم حروب دامية حول الزعامة وأيّهم “أحق بخدمة الاستعمار” أكثر من غيره، فدبّ بينهم صراع متأصل حول السلطة امتدّ لعقود طويلة، إلى أن جاء زمن الاستقلال الذي لم يبذل من أجله حكام تلك القبائل أيّ جهد للحصول عليها، بل تمثّل في خروج المستعمر طواعية من أرضهم، بعد أن وضع على رأسها من يضمن له تدفق النفط والغاز والحفاظ على مصالحه الاستراتيجية.
الجزائر لطالما كانت لها أفضال كبيرة على الإمارات منذ تأسيسها سنة 1971 وإعلان قبائلها الاتحاد، وخاصة في قطاع البترول الذي يعتبر العمود الفقري للاقتصاد الإماراتي، فقد أرسل الرئيس الراحل هواري بومدين مهندس البترول الجزائري الشاب حمرا كروها لهذه المهمّة، بعد أن ترجّاه رئيس الإمارات زايد بن سلطان آل نهيان وطلب منه مدّ يد المساعدة، حيث قام المهندس الجزائري الشاب بتأسيس شركة النفط الإماراتية “آدنوك” في جوان 1973، وقدّم لها عصارة تجربته وخبرته على رأس المديرية المركزية للتخطيط في سوناطراك.
ومن يومها بدأت الأموال تتهاطل على الإمارات حتى أصبحت ما هي عليه اليوم، وللأسف يُنكر الأقزام حجمهم الحقيقي ويجحدون أفضال الجزائر العملاقة عليهم.
أما اليوم، فلا نتحدث هنا عن أزمة بين دولتين، كما هو المعتاد، بل عن دويلة بحجم طابع بريدي تحمل اسم “الإمارات”، ودولة أخرى سيدة بحجم قارة تسمى “الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية “، دولة ضاربة في أعمق أعماق التاريخ.
دويلة الإمارات التي تقع في زاوية مهجورة من الجغرافيا حيث لا يصنع التاريخ بل يتم استيراده، وتُدار بشكل كامل بجهاز تحكم عن بعد، جهاز الإرسال خاصته مُنَصبٌ في تل أبيب، وعواصم أخرى.
هي – دويلة الإمارات المارقة واللقيطة – رأس الشر في المنطقة، وبدون أدني شك كفرع لشركة متعددة الجنسيات حيث لا قرار يُتَخذ إلا باحتماع مسيريها من هنا وهنالك، تحاول عبثاً تنصيب نفسها خصماً للجزائر السيدة، الكبيرة، والشامخة.
ولمن لا يعرف من هي دويلة الإمارات بالضبط، لا بأس أن نذكرهم بأنها بؤرة للخراب والتحريض والأزمات ضد الدول العربية والإسلامية كلها، ولنا في السودان وليبيا خير دليل على ذلك.