الثلاثاء 18 نوفمبر 2025

شتاء القهر.. ضحايا زلزال المغرب بين جحيم الطبيعة وصمت مسؤولي المخزن

نُشر في:
شتاء القهر.. ضحايا زلزال المغرب بين جحيم الطبيعة وصمت مسؤولي المخزن

الشتاء الثالث يحل على مناطق زلزال الحوز بالمغرب، لكن جراح الناجين لم تندمل بعد. فتحت الأمطار والثلوج التي بدأت تتساقط، جراحاً جديدة في نفوس أبناء القرى والدواوير المنكوبة، الذين ما زالوا يقاومون البرد القارس في خيام بلاستيكية مهترئة، تذرف مياه الأمطار بداخلها كما تذرف عائلاتها دموعاً من الصمت والإهمال.

الصورة قاسية.. أطفال وشيوخ ونساء يواجهون برد الشتاء في مساكن مؤقتة لا تقي من مطر ولا ثلج. واقع مرير يعيشه ضحايا الزلزال منذ أكثر من سنتين، في مشهد يختزل مأساة إنسانية تتفاقم مع كل شتاء، بينما آمال العائلات معلقة على “التفاتة رسمية” تنتشلهم من دوامة المعاناة.

لا تقتصر المأساة على غياب السكن اللائق الذي يحفظ الكرامة الإنسانية، بل تمتد إلى غياب المرافق الأساسية والخدمات الضرورية، مما يضاعف من معاناة عائلات تعاني بالفعل من الفقر والإقصاء. والأمر لا يخلو من مهازل أخرى، كتلك التي تعرضت فيها بعض العائلات لعمليات نصب من مقاولين استغلوا أموال الدعم المخصصة لإعادة الإعمار، ليهربوا تاركين الضحايا بلا مأوى ولا أمل.

الكلمة الفصل في هذه المأساة جاءت من السيد يوسف الديب، الكاتب العام لتنسيقية ضحايا زلزال الحوز، الذي كشف في تصريح صادم أن جزءاً كبيراً من الضحايا ما زالوا يقبعون في الخيام رغم مرور ثلاثة فصول شتوية على الكارثة. وأكد أن مجرد بقاء عائلات بأكملها في هذه الظروف “كاف ليرسم صورة عن واقع الألم والمعاناة”.

الأكثر إيلاماً هو ذلك الباب المسدود في وجه المتضررين بعدة مناطق، تحت مبررات واهية، كما يشير الديب، في وقت تزداد فيه حاجة الأسر للمواد الغذائية وأدوات التدفئة. والمفارقة أن مبادرات الإغاثة لا تأتي من القنوات الرسمية، بل تقتصر على جهود بعض الجمعيات والأفراد، في مشهد يكرس فجوة الثقة بين المواطن والمسؤول المخزني.

السؤال الذي يفرض نفسه: أين أموال الصندوق المخصص لضحايا الزلزال، والذي ساهم فيه جميع المغاربة؟ ولماذا يتم التلاعب بهذه الأموال تحت سمع وبصر الجميع؟ يبدو أن ملف إعادة الإعمار تحول إلى واجهة أخرى من واجهات الإخفاق الحكومي، حيث تتصدر التصريحات الرسمية المليئة بالأرقام غير الحقيقية، بينما الواقع ينفيها جملة وتفصيلاً.

وكمراقب من جواركم المغربي، لا يسعني إلا أن أتساءل: أي قدر من الصبر لا يزال متبقياً في نفوس هؤلاء الناس؟ وأي كرامة يمكن أن تبقى لعائلة تعيش سنوات في خيام مهترئة؟ إنها دعوة من القلب للمسؤولين في الجارة المغرب لإنصاف هؤلاء المواطنين، وطي هذا الملف الإنساني العاجل، قبل أن تذهب الأرواح ضحية للبرد والإهمال.

فالكرامة الإنسانية لا تحتمل الانتظار، وشتاء القهر لا يجب أن يكون مصير أي مواطن في القرن الحادي والعشرين.

رابط دائم : https://dzair.cc/sfcu نسخ

اقرأ أيضًا

×
Publicité ANEP
ANEP PN2500015