الأربعاء 09 جويلية 2025

عارضت خيار التدخل العسكري بحزم.. الجزائر تقف حجر عثرة أمام أطماع فرنسا في النيجر

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
عارضت خيار التدخل العسكري بحزم.. الجزائر تقف حجر عثرة أمام أطماع فرنسا في النيجر

برز دور الجزائر كلاعب إقليمي بارز في القضية النيجرية من خلال تأكيداتها على عدم التدخل العسكري في النيجر، وهو الأمر الذي شكل حاجز عثرة بالنسبة للرئيس الفرنسي ماكرون، قوّض ما كان يأمله من هجوم لدول إيكواس على هذا البلد.
وفي هذا السياق، أكّد خبراء فرنسيون أن الجزائر باتت الصخرة التي تحطمت عليها أطماع ماكرون، فكيف أضحت الجزائر أصعب الأرقام في منطقة غرب إفريقيا، وهل لقوتها العسكرية دور في هذا الأمر؟

لقد انزاحت جميع الأغطية بعد الانقلاب العسكري على الرئيس النيجري محمد بازوم، وانكشفت معها مصالح فرنسا في النيجر من خلال ما استنزفته ولسنوات عدّة من ثروات طبيعية، وخاصة معدن اليورانيوم النادر، وبغضّ النظر عن كون الانقلاب غير شرعي على رئيس منتخب، فإنّ الشعب النيجري وصل إلى نقطة اللاعودة في ما يتعلّق بسلوك فرنسا الاستعماري إزاء مقدراته وإمكانياته، التي ثبت بأنّها كانت تستنزفها بثمن بخس وعلى حساب تقدّم النيجر وازدهاره ورفاه شعبه.

لم تأت صدمة فرنسا صاحبة الماضي الاستعماري في إفريقيا من الانقلاب بحدّ ذاته، ولم يتفاجأ رئيسها ماكرون، الذي ظنّ أنّ إمدادات اليورانيوم من النيجر لن تتوقف إلّا بعد أن تستخرج شركة “أورانو” المستغلة لمناجم اليورانيوم هناك، آخر ذرّة من هذا المعدن النفيس من أرض النيجر، من خطأ حدسه هذا بقدر ما أنّه أصيب بذهول كبير حينما رأى الجزائر تتحرّك بقدرة فائقة وتصدر مواقف حاسمة بخصوص الأوضاع المتصاعدة والمتسارعة بعد الانقلاب العسكري.

ماكرون استغرب كثيرا من طبيعة الموقف الجزائري، حيث أنّه ظنّ وللوهلة الأولى أنّها في صفّه وأبدى ارتياحا كبيرا حينما أكّد الرئيس تبون على ضرورة احترام الشرعية في النيجر ودعا المجلس العسكري المشكّل بعد الانقلاب، إلى ضرورة إعادة الرئيس المنتخب محمّد بازوم إلى الحكم، لكنّه صُعق عندما شدّدت الجزائر، وبإصرار كبير، على وجوب ضبط النفس وعدم الانسياق خلف دعوات التدخل العسكري، سواء من قبل مجموعة إيكواس أو فرنسا، وهو ما أخذ شكل تحدّ لماكرون.

لقد وقفت الجزائر، التي تشترك مع النيجر في حدود تمتد لأكثر من 1000 كلم وتعلم جيّدا تداعيات انفجار حرب داخلها على أمنها القومي، بشكل حازم لا يقبل الجدال أو المساومة، ضدّ تحرّكات الإكواس ومن خلفها فرنسا التي كانت تهدف للقيام بتدخل عسكري غير محسوب العواقب في دولة ذات سيادة، حتّى ولو أنّ الهدف المعلن هو تحييد الانقلابيين وإيقاف مظاهر الانقلاب،

لكن الجزائر وعلى لسان وزير الخارجية أحمد عطاف، خلال لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أوضحت الأمر جيّدا، من خلال قوله: ” لا يوجد مثالٌ واحد على تدخّل عسكري ناجح وإذا كنّا نعرف متى يبدأ فنحن لا نعرف متى سينتهي”.

ومن قرارها هذا، نبع موقف آخر بديل لأطروحة التدخل العسكري، التي رافعت لأجلها فرنسا والإيكواس، يتمثل في تأكيدها ومن منطلق مبادئها الراسخة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والحفاظ على الاستقرار، لوجددت الجزائر، على لسان عطاف، على ضرورة “إعطاء الأولوية للمسار السياسي والدبلوماسي، بالنظر لما يحمله خيار اللجوء إلى القوة من تداعيات لن تزيد الأوضاع إلا تأزما وتدهورا محليا وإقليميا”.، وفقما صرّح به الوزير عطاف الذي شدد في اتصاله مع جوزيب بوريل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة والأمنية على “ضرورة توحيد الضغوط السياسية والدبلوماسية لضمان العودة إلى النظام الدستوري عبر عودة بازوم إلى منصبه كرئيس شرعي للبلاد”.

هذا الموقف الثابت والقوي، في الإصرار على منع حدوث التدخل العسكري من أيّ طرف خارجي كان في النيجر، الذي أكّد عليه رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، محذّرا من أنّه سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار بمنطقة الساحل، أزعج كثيرا الرئيس الفرنسي ماكرون الذي أُجهضت آماله وأُحبطت أطماعه حينما طرح الرئيس تبون فكرة استعداد الجزائر لإنهاء الأزمة في النيجر عبر لمّ الشمل وإطلاق حوار بين مختلف الأطراف في النيجر.

إنّ هذا الموقف الحازم والثابت هو ما دفع محللين لأن يصفوا تأثيره على تصورات فرنسا والإيكواس كما يلي: الجزائر وقفت حجر عثرة في وجه أطماع ماكرون، وهو ما دفع إيكواس وفرنسا إلى التراجع عن استهداف النيجر أو التدخل في أراضيها.

رابط دائم : https://dzair.cc/dxo8 نسخ