الثلاثاء 01 جويلية 2025

عملية تلميع صورة محمد السادس: المخزن يحاول إعادة تأهيل سمعة الملك الذي استغرق 18 ساعة للعودة إلى البلاد ويتفادى إلى الآن زيارة متضرري الزلزال

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
عملية تلميع صورة محمد السادس: المخزن يحاول إعادة تأهيل سمعة الملك الذي استغرق 18 ساعة للعودة إلى البلاد ويتفادى إلى الآن زيارة متضرري الزلزال

إن الانتقادات التي جاءت على خلفية غياب الملك وتلكئه في العودة إلى بلاده من باريس وسلبية السلطات التي انتظرت أوامر الملك لبدء مهام الإنقاذ والمساعدة لضحايا الزلزال، لم تكن مناسبة بشكل جيد، فقد أدت هذه التصرفات إلى خسارة أرواح ما يقرب من 3000 شخص.

لقد اختار النظام المغربي الآن إطلاق عملية لتبرئة العاهل العلوي وكبار المسؤولين الحكوميين من ردهم المتأخر على الزلزال ورفضهم خلال الأيام الأولى لعرض المساعدة الدولية، وخاصة الفرنسية؛ مكان الإقامة المفضل للملك الغائب.

فقد ظلت أجهزة الدعاية في الدولة المجاورة تنشر رسائل مفترضة لدعم وتمجيد الملك لعدة أيام.

من جهتها نشرت وكالة الأنباء المغربية الرسمية، الاثنين، برقية روت فيها فحوى المكالمة الهاتفية بين جو بايدن ومحمد السادس، وجاء في مضمون تلك المكالمة الذي لم يؤيده الجانب الأمريكي ما زعمت الوكالة أنّ “الرئيس بايدن أشاد بسرعة وفعالية إدارة تبعات هذه الكارثة الطبيعية الكبرى، وفقا للتعليمات الملكية السامية”.

لقد سجل البيت الأبيض ببساطة مكالمة هاتفية تهدف إلى “تقديم التعازي في الخسائر في الأرواح الناجمة عن الزلزال المدمر الذي وقع في 8 سبتمبر، وإعادة التأكيد على الشراكة العميقة بين المغرب والولايات المتحدة”، كما “استعرض الجانبان المساعدة الأمريكية لدعم جهود المغرب في الاستجابة للكارثة، بما في ذلك مليون دولار لجهود الإغاثة، وناقشا استعداد الولايات المتحدة للمساعدة في إعمار المناطق المتضررة.”، ليضيف البيان دون مزيد من اللغط: “اتفق الزعيمان على البقاء على اتصال وثيق”.

وأكّد الصحفي المغربي هشام المنصوري من منفاه لصحيفة الإندبندنتي الإسبانية بقوله: “كل أزمة كبرى، سواء كانت كوفيد أو زلزالاً، يعتبرها المخزن فرصة لترسيخ وتأكيد سلطته وقوته وشرعيته ودوره كمنقذ أساسي”.

ويتابع المنصوري: “إنها أيضًا فرصة لتبرير وضع الملكية التنفيذية من خلال إضعاف الحكومة وجميع المسؤولين المنتخبين والطبقة السياسية، وأخذ زمام المبادرة سواء في إدارة الأزمات أو من حيث الصورة. وهذا أمر متناقض”.

ويضيف: “هناك عبارة شائعة، من المؤكد أنها منتشرة وشعبية بين المتحدثين باسم النظام، توضح هذا الوضع جيدًا: “الملك صالح، ومن حوله سيئون”.

وقد ترأس الملك، أمس الأربعاء، اجتماعًا أقر فيه تسطير برنامج بحوالي 11 مليار يورو لإعادة توطين الأشخاص المتضررين من الكارثة، وإعادة بناء المنازل، وإعادة تأهيل البنية التحتية، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في ست مقاطعات في غضون خمس سنوات.

 

“قيادة الملك”

وتم تداول رسائل أخرى في مدح الملك عبر الفروع الإعلامية للقصر الملكي المغربي – أي الغالبية العظمى من وسائل الإعلام في بلد تمارس فيه الرقابة وتتعرض فيه أي ممارسة للمعارضة للاضطهاد.
وزعمت أبواق المخزن أن المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، “أشادت” بـ”قيادة” الملك في مقابلة مع وكالة المغرب للأنباء قبل الاجتماع السنوي للمنظمة والبنك الدولي الشهر المقبل في مراكش، حيث نقلت على لسانها كلاماً فيه الكثير من الإسراف في مدح “صاحب الجلالة”: “لقد أمضيت خمس سنوات كمفوض للشؤون الإنسانية ومستجيب للأزمات، وقد رأيت مراراً وتكراراً أنه عندما تتحد الأمة، يمكنها التغلب على التحديات الأكثر دراماتيكية، وهذا ما يفعله المغرب تحت قيادة جلالة الملك”.

وفي محاولة لإسكات الانتقادات، تقوم وكالة الأنباء المغربية أيضا بجمع تصريحات من الدبلوماسيين الأجانب المقيمين في المملكة مثل سفير الإمارات العربية المتحدة، الذي يدافع عن “العمل المهني والضخم” للبلاد، حيث زعمت على لسان هذا الدبلوماسي: “لم يكن ذلك ممكنا لولا القيادة العليا لصاحب الجلالة الملك محمد السادس”. وأضاف أنه “على الرغم من الطبيعة الجبلية للمناطق المتضررة وتضاريسها شديدة الانحدار، إلا أنه تم السيطرة على الوضع بسرعة”.

أرسل محمد السادس، أمس الأربعاء، رسائل شكر للمساعدة المقدمة إلى رؤساء دول وحكومات إسبانيا والمملكة المتحدة والإمارات وقطر، “الدول الصديقة” الأربع الوحيدة التي قبل المساعدة منها في الأيام الأولى بعد الزلزال.

وفي الأسبوع والنصف الأخيرين تحديدا، اشتدت الانتقادات بشأن التأخير في تفعيل بروتوكول المساعدة؛ الفيتو على المساعدة التي تقدمها فرنسا أو الجزائر، والتي تقيم معها علاقة دبلوماسية بين متوترة ومعدومة؛ التأخير في الوصول إلى الأماكن النائية في الأطلس ونقص المساعدة للضحايا، الذين يمثلون ذلك العالم الريفي الذي تجاهلته السلطات العلوية لفترة طويلة. ومن ناحية أخرى، سلطت الصحافة الدولية الضوء بشكل إيجابي على موجة التضامن التي ولّدها الزلزال بين الشعب المغربي، بما يتجاوز يُتم الحكومة.

لقد حاول المخزن فرض رقابة على الشكاوى، واصفا إياها بـ “الاستعمارية” أو التي تحمل عقدة “مناهضة للمورو”، لكن الحقيقة هي أن الانتقادات جاءت من الضحايا أنفسهم، في مقاطع فيديو تأسفوا فيها على التخلي عنهم؛ وهم يستنكرون استقبال الأطعمة الفاسدة التي يتم إلقاؤها من المروحيات. أو يقولون بين التنهدات إنه لم يساعدهم أحد في دفن أحبابهم، وقد دفع الغضب أحد الضحايا على الهواء مباشرة إلى تصويب كلام مراسل قناة الجزيرة القطرية الذي كان يقدم تقارير عن الرعاية الصحية، مؤكّدا بقوله: “المستشفى فارغ، كل هذا كذب”، وهو أحد المستفيدين المفترضين من الإجراء، وسط لفتات انزعاج رجال الشرطة.

ويقول المنصوري: “بالنظر إلى استحالة إخفاء الفساد المستشري في النظام، فإن هذه الأزمات تعمل أيضًا على تحديد الجناة وتأكيد السلطة. وهذه الدعاية والتلاعب ناجحان ليس فقط على المستوى الداخلي ولكن أيضًا على المستوى الخارجي، بين وسائل الإعلام والنخب الأجنبية”. . “النظام لا يفوت فرصة استكمال الحلقة المفرغة، من وجهة نظره، من خلال استعادة هذه المرجعية الأجنبية القيمة في الداخل: يقولون: “افتخروا… انظروا كيف ينظر إلينا الغربيون”، كما يقولون”.

رابط دائم : https://dzair.cc/5vmk نسخ