20 سبتمبر، 2025
ANEP السبت 20 سبتمبر 2025

كأس إفريقيا أولى وإعمار الحوز آخر همّ المخزن.. حين تُبنى المدرجات وتُترك البيوت مهدمة

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
كأس إفريقيا أولى وإعمار الحوز آخر همّ المخزن.. حين تُبنى المدرجات وتُترك البيوت مهدمة

في الذكرى الثانية لزلزال الحوز، يواصل المخزن بيع الوهم: وعود فضفاضة، أرقام كاذبة، ومليارات تتبخر في ملاعب كأس إفريقيا، بينما آلاف المنكوبين ما زالوا بين خيام مهترئة. إنه وجع مزدوج: كارثة طبيعية ضربت مرة، والمخزن بخيانته ضرب ألف مرة.

لقد اختار النظام البذخ والدعاية بدل إنقاذ الأرواح. واليوم، يحق للشعب أن يسأل بصوت عالٍ: من يبني للمغاربة بيوتًا حقيقية، ومن يكتفي ببناء واجهة كاذبة لإرضاء الخارج؟ التاريخ لن يرحم، والضحايا لن يسامحوا.

في اليوم الذي يخلّد فيه المغرب الذكرى الثانية لزلزال الحوز المدمّر، تكشف الدولة عن وجهها الحقيقي: وعود جوفاء بلغة الأرقام، دون أثر ملموس على الأرض. في المقابل، ينغمس المخزن في بذخ تحضيرات كأس إفريقيا، وكأن معاناة المنكوبين مجرد هامش مزعج لا يستحق الالتفات. أي خيانة أكبر من أن يُترك أبناء الوطن بين الخيام المهترئة بينما تُصرف المليارات على ملاعب وحدائق وهمية لإرضاء الخارج؟

الناجون الذين خرجوا إلى الرباط لم يحملوا سوى لافتات كتب عليها وجعهم: “أبعدنا من الدعم الملكي… عشنا في الحاويات ولا أحد يتذكرنا”، وصرخوا: “نعيش في خيام بلاستيكية مكان بيوتنا”. صرخة عارية في وجه سلطة لا تسمع إلا أصوات المديح، وتعتبر معاناة مواطنيها إزعاجًا يجب إسكاته. أليس هذا احتقارًا صريحًا للشعب؟

وفي حين يتباهى المخزن بإعادة بناء أكثر من 90% من المساكن المتضررة، تكشف شهادات الجمعيات والضحايا زيف هذا الخطاب: مناطق مثل ورزازات وأزيلال تُركت خارج الحسابات، والوعود المالية تبخرت كما تبخرت كرامة الناس. هكذا يمارس النظام التواطؤ مع الكارثة، فيبيع الوهم في نشرات الأخبار بينما يدفن الحقيقة في الجبال.

ملف الإعمار لم يكن يومًا أولوية وطنية، بل مجرد أداة سياسية تُستحضر عند الحاجة. يتم تأجيل العدالة الاجتماعية لصالح تصريحات بلاغية وصور مصقولة، بينما الناجون يقضون لياليهم بين الجوع والبرد.

وما يزيد الفضيحة وضوحًا أن 120 مليار درهم التي أعلن عنها النظام تحت مسمى “إعادة تأهيل المناطق المتضررة” وُزعت بانتقائية فاضحة: قرب من الحواضر، مصالح شخصية، ولاءات سياسية. أما الأطلس الكبير، فظل مرميًا في صمت الفقر والهشاشة، وكأن الدولة قررت مع سبق الإصرار أن يظل أهله رهائن للحرمان.

الخلاصة التي لا مفر منها: المخزن لا يبني دولة، بل يبني واجهة. يصرف الأموال لإرضاء شركائه الأجانب ويستثمر الكوارث لبيع صورة “الاستقرار”، بينما يدهس شعبه في الداخل. حتى لو نجح في تنظيم كأس إفريقيا، فإن فشله في إعادة بناء بيوت المنكوبين سيبقى وصمة عار لا تمحوها أي بطولة.

هذا المقال ليس مجرد تحليل، بل شهادة إدانة: المخزن مارس الخيانة، تستر على الجريمة، وتواطأ مع المأساة. من حق شعب الحوز وكل المغرب أن يصرخ في وجه هذا النظام: لسنا أرقاما في نشراتكم، ولسنا دمى في مسرحكم. نحن شعب حيّ يطالب بالحقيقة والعدالة، ولن نغفر لمن اختار الدعاية بدل إنقاذ الأرواح. التاريخ لن يرحم، والشعب لن يسامح.

رابط دائم : https://dzair.cc/smi8 نسخ