20 أكتوبر، 2025
ANEP الاثنين 20 أكتوبر 2025

مخزنٌ يختبر القتل: حين يحوّل المغرب الصحراء الغربية إلى حقل تجارب للأسلحة الصهيونية

تم التحديث في:
بقلم: أحمد عاشور
مخزنٌ يختبر القتل: حين يحوّل المغرب الصحراء الغربية إلى حقل تجارب للأسلحة الصهيونية

يبدو أن النظام المغربي لا يجد حرجًا في أن يحوّل الأراضي التي يحتلها من الصحراء الغربية إلى مختبر للأسلحة الصهيونية القاتلة. فوفقًا لتحقيق نشرته صحيفة الإندبندينتي الإسبانية، بدأ المغرب في اختبار طائرات “SpyX” الانتحارية، وهي درونات إسرائيلية الصنع تُستخدم عادة في عمليات الاغتيال الدقيقة والتجارب العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. المشهد نفسه يتكرر: دولة احتلال تختبر آلة موتها على أرض ليست لها، وشعب يُعامل كأنه غير موجود.

هذه الخطوة ليست معزولة ولا تقنية بحتة، بل هي تعبير فاضح عن التوجه الدموي للمخزن الذي يراكم السلاح بدل أن يراكم فرص العيش الكريم لمواطنيه. فبينما يتحدث الملك محمد السادس عن “إصلاح التعليم والصحة” و”تحفيز الشباب”، تكشف الوقائع أن الأولوية الحقيقية في الرباط هي عسكرة الجنوب المحتل وتثبيت السيطرة بالقوة، حتى لو كان الثمن هو خرق القانون الدولي وفتح الباب على مصراعيه أمام الاختراق الصهيوني العميق في مؤسسات الجيش المغربي.

ما تفعله الرباط اليوم في الصحراء الغربية ليس إلا نسخة مغربية من مختبرات الاحتلال الصهيوني في غزة والضفة الغربية. هناك يُجرب جيش الاحتلال أسلحته على الفلسطينيين، وهنا يُقلّدها المخزن بتجريبها على أرض الصحراء الغربية التي تعتبرها الأمم المتحدة “إقليماً غير متمتع بالحكم الذاتي في انتظار تقرير المصير”. والنتيجة واحدة: القتل باسم “الاختبار”، والاستعمار باسم “التحديث العسكري”.

وراء هذه الصفقات المتلاحقة مع تل أبيب تختبئ مصلحة العائلة الملكية، التي نسجت شبكة معقدة من العلاقات المالية والعسكرية مع شركات السلاح الصهيونية، مقابل دعم سياسي في ملف الصحراء الغربية وتغطية غربية على انتهاكات حقوق الإنسان. بهذا، يصبح التطبيع مع الكيان الصهيوني ليس خيارًا دبلوماسيًا، بل تحالفًا أمنيًا ومصلحيًا يهدف إلى إطالة عمر النظام على حساب كرامة الشعب المغربي ومصير الصحراويين.

الأخطر أن هذه السياسة العسكرية تأتي في وقت يعيش فيه المغرب أزمة اجتماعية خانقة: بطالة متفشية، مدارس متهالكة، ومستشفيات بلا دواء. وبينما كان شباب “جيل زد” يطالبون بإصلاح التعليم والصحة، اختار المخزن أن يرسل رسالة معاكسة: “لا صوت يعلو فوق صوت السلاح”. وكأن النظام يقول لشبابه إن الفقر ليس أولويته، وإن من يحتج على الظلم سيُواجه بالدرون وليس بالحوار.

في جوهر الأمر، المخزن لا يخاف من الخارج بل من الداخل. كل درون جديدة، وكل صفقة تسليح، هي محاولة لإرسال رسالة الردع إلى المواطنين قبل الأعداء. فالسلطة التي فقدت ثقة شعبها تبحث عن أمنها في مصانع الكيان الصهيوني، وتستورد طائرات انتحارية لتغطية إفلاسها السياسي والأخلاقي.

لقد تحوّل المغرب، بوعي من نظامه، إلى قاعدة متقدمة للنفوذ الصهيوني في شمال إفريقيا، ليس فقط عسكريًا بل استخباراتيًا واقتصاديًا أيضًا. وما يجري في الصحراء الغربية هو إنذار للمنطقة كلها: من يفرّط في استقلال قراره الوطني ويستقوي بالمحتل، لن يحصد سوى مزيد من العزلة والغضب الشعبي.

في النهاية، يمكن القول إن “SpyX” ليست مجرد طائرة انتحارية، بل رمز لنظام انتحاري يغامر بكل شيء من أجل البقاء. نظام اختار أن يقتل مستقبله بيديه، وأن يحوّل أرضًا متنازعًا عليها إلى مقبرة لأحلام جيل كامل من المغاربة والصحراويين الذين كانوا يستحقون الحياة، لا التجارب العسكرية.

رابط دائم : https://dzair.cc/zs7a نسخ