29 سبتمبر، 2025
ANEP الاثنين 29 سبتمبر 2025

مصدر موثوق… الجنرال ناصر الجن في الجزائر… وما يُنشر “أكاذيب وترهات” مخزنية

نُشر في:
بقلم: دزاير توب
مصدر موثوق… الجنرال ناصر الجن في الجزائر… وما يُنشر “أكاذيب وترهات” مخزنية

في خطوة جديدة تكشف عن استهداف واضح للجزائر، نشر الصحفي الإسباني إغناسيو سمبريرو عبر موقع El Confidencial مقالاً مثيراً للجدل، انحاز فيه بشكل صارخ إلى الأطروحات المغربية، معتمداً على خطاب عدائي لا يستند إلى حقائق بقدر ما يقوم على الأكاذيب والتضليل.

وجاء المقال محمّلاً بسيل من الأخبار الزائفة، في مقدمتها ادعاء تواجد المدير العام السابق لجهاز الأمن الداخلي في أليكانتي الإسبانية، بينما تكشف جريدة “الخبر”، أن مصادر موثوقة تؤكد أنه لم يبرح الجزائر إطلاقاً، ولم يقف التضليل عند هذا الادعاء، بل طاول رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، في محاولة مكشوفة للتأثير على خيارات مدريد السياسية.

الأسلوب الذي اتبعته El Confidencial يحمل بصمات المخزن المغربي وأجهزته الإعلامية التي دأبت على فبركة الأكاذيب كلما تعلق الأمر بالتشويش على الجزائر أو ابتزاز شركاء إسبانيا، حيث روّج الموقع لرواية وهمية حول “هروب مذهل” للجنرال عبد القادر حداد، الملقب بـ”ناصر الجن”، نحو إسبانيا عبر البحر كمهاجر غير شرعي. ورغم الطابع الدرامي للقصة، إلا أنها تفتقر لأي دليل مادي، ما يجعلها جزءاً من أجندة دعائية تستهدف مؤسسات الجزائر وتضليل الرأي العام.

هذا المقال المضلل، الذي تبنّى أطروحات مغرضة، لا يخرج عن سياق سلسلة الحملات الإعلامية التي تقف وراءها دوائر المخزن وأذرعه، والتي اعتادت على صناعة السبق الصحفي الكاذب لتشويه صورة الجزائر وزعزعة استقرارها، فالمعلومات المؤكدة تشير إلى أن ناصر الجن لم يغادر التراب الوطني على الإطلاق -حسب الخبر-، ما يجعل الرواية مجرد فبركة إعلامية هدفها تضليل الإسبان والمجتمع الدولي.

ويجمع متابعون على أن هذه الحملة ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل من الأكاذيب، غايتها الأساسية التشويش على الموقف الثابت للجزائر من القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها الدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، إضافة إلى محاولة ضرب الثقة القائمة بينها وبين شركائها الأوروبيين.

ولعل المفاجأة الأكثر إثارة تمثلت في موقف صحيفة لوموند الفرنسية، التي يُفترض أنها مرجع إعلامي موثوق على الساحة الأوروبية والدولية، غير أنها سقطت في فخ الرواية الزائفة، وروّجت لها باعتبارها حقيقة مؤكدة، بل مضت في اختلاق قصص عن “صراع أجنحة” داخل الجزائر، وهو ما يكشف محدودية مصداقيتها وتماهيها مع الحملات الدعائية الموجهة ضد الجزائر.

لم يقتصر نشر هذه القصة المختلقة على الصحف والمنابر الإعلامية، بل سرعان ما غزا منصات التواصل الاجتماعي، حيث عمد بعض الناشطين إلى إعادة تدويرها بشكل متسارع، إما نتيجة قصور في الفهم الإعلامي أو بدوافع سياسية مشبوهة، الأخطر من ذلك أن الجزائريين الذين يحسبون أنفسهم معارضين في الخارج، انخرطوا في تضخيم الأكذوبة، مستغلينها كأداة لتأليب الرأي العام وتشويه صورة مؤسسات الدولة.

وتكشف هذه الحملات المتكررة أن الاستهداف الممنهج للجزائر لم يعد مقتصراً على أقلام معروفة بعدائها، بل أصبح منظومة كاملة تشترك فيها وسائل إعلام غربية ومنصات رقمية وأصوات مأجورة في الخارج، ضمن أجندة تتقاطع بوضوح مع مصالح المخزن وأذرعه الإعلامية.

ولا يخفى أن هذه الحملات الموجهة ضد الجزائر تخدم في جوهرها أجندة إقليمية واضحة، هدفها الأساسي هو التشويش على الدور المتوازن الذي تلعبه الجزائر في المنطقة، سواء على الصعيد السياسي أو الأمني أو حتى الطاقوي، لاسيما وأنها باتت طرفاً محورياً في معادلات المتوسط وإفريقيا.

إن الزج بأكاذيب حول مؤسسات الدولة الجزائرية ورموزها يعكس عجز خصومها عن مواجهة مواقفها المبدئية بالطرق الدبلوماسية والسياسية، ما يدفعهم إلى استخدام سلاح الإعلام المضلل لصناعة صورة مشوهة، أملاً في خلق شرخ بين الجزائر وشركائها التقليديين.

غير أن هذه المناورات سرعان ما تنكشف حقيقتها أمام الرأي العام، خاصة وأن الجزائر ظلت حريصة على التعامل مع شركائها الأوروبيين بوضوح وشفافية، وهو ما يجعل من هذه الحملات مجرد زوبعة عابرة، سرعان ما تنكشف خلفياتها عند أول مواجهة مع الحقائق الميدانية.

في المقابل، يطرح هذا الوضع تحدياً إضافياً أمام الإعلام الغربي الذي يزعم المهنية، إذ لم يعد مقبولاً أن يتحول إلى منصة لترويج الإشاعات دون تمحيص، في وقت تتوفر فيه كل الوسائل للتحقق من المعلومات. وهنا يبرز سؤال أكبر: هل يتعلق الأمر بضعف مهني أم بتواطؤ مقصود يخدم مصالح محددة؟

الحقيقة الثابتة والوحيدة، أن ما سُمّي بـ”الهروب” لم يحدث أساساً، وأن الجنرال المعني لم يغادر الجزائر مطلقاً، حسبما ورد في يومية الخبر. ليبقى السؤال الكبير مطروحاً: إلى متى يظل الإعلام الغربي المتواطئ مع دوائر استعمارية معروفة وأدواتها في المنطقة، شريكاً في صناعة الأكاذيب ضد الجزائر؟

رابط دائم : https://dzair.cc/tohx نسخ