عاد ملف معتقلي حراك الريف إلى الواجهة بقوة، بعد الرسالة التي عمّمها المعتقلون الستة القابعون بسجن “طنجة 2”، معلنين فيها تضامنهم الواسع مع عائلات ما يُعرف بضحايا “القليعة”، ومنددين بما وصفوه بـ“الاعتقالات التعسفية” والأحكام التي تطال المدافعين عن حقوق الإنسان والمحتجين السلميين في مختلف مناطق المغرب.
الرسالة، التي نقلها طارق الزفزافي، شقيق أيقونة الحراك ناصر الزفزافي، عبر حسابه على “فايسبوك”، حملت لهجة شديدة تجاه النهج القضائي والأمني المعتمد من قبل سلطات المخزن في التعامل مع الأصوات المنتقدة، مؤكدة “الرفض المطلق لكل الاعتقالات الظالمة ولكل حكم يستهدف من يصدح بكلمة حق”. كما أعلن المعتقلون تضامنهم مع جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، بمن فيهم النقيب محمد زيان، الذي يخوض معركة قانونية يعتبرونها “عادلة”.
وشدد رفاق الزفزافي على أن “الأوطان لا تُبنى بالاعتقالات، وإنما بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان”، في إحالة واضحة على الأزمة الحقوقية المتنامية بالمغرب خلال الأشهر الأخيرة، وعلى استمرار التوتر بين المؤسسات الرسمية والفاعلين الحقوقيين.
وفي سياق متصل، قدم المعتقلون تعازيهم لعائلات ضحايا فاجعة انهيار عمارتين سكنيتين بمدينة فاس، وهي الكارثة التي خلّفت 22 قتيلا و16 جريحا، معتبرين أن المأساة تضاعف الشعور العام بانعدام الأمان الاجتماعي وغياب الرقابة الضرورية لحماية أرواح المواطنين.
من جهة أخرى، أعلن ناصر الزفزافي، أبرز وجوه حراك الريف، عن تعليق إضرابه عن الطعام والماء الذي دخله يوم الثلاثاء الماضي، احتجاجاً على ما اعتبره “تواطؤا” من النيابة العامة في التعامل مع تهديد طاله عبر فيديو متداول. وجاء تعليق الإضراب – وفقاً لما أورده شقيقه – بعد حصوله على رد رسمي يفيد بفتح تحقيق في الشكوى التي تقدم بها.
خطوة التعليق هذه جاءت بعد قلق واسع عبرت عنه شخصيات حقوقية وناشطون، ممن اعتبروا أن دخول الزفزافي في “معركة الأمعاء الفارغة” يعكس اختلالاً عميقاً في آليات حماية السجناء وضمان أمنهم داخل المؤسسات العقابية.
ويعيد هذا التصعيد المركّب ـ بين رسائل الإدانة الجماعية وخطوات التصعيد الفردي ـ فتح النقاش حول مستقبل الحراك الحقوقي في المغرب، وحول قدرة سلطات المخزن على معالجة الملفات الاجتماعية والسياسية بمقاربات غير زجرية. كما يعيد تسليط الضوء على وضعية معتقلي حراك الريف، الذين يواصلون منذ سنوات لعب دور محوري في كشف التوترات القائمة بين نظام المخزن والشعب المغربي، في ظل استمرار الاعتقال وغياب أي مؤشرات جدية نحو الانفراج.
