الأحد 18 ماي 2025

موانئ المغرب تحت تصرف الكيان الصهيوني وفي خدمة حرب الإبادة ضدّ الشعب الفلسطيني

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
موانئ المغرب تحت تصرف الكيان الصهيوني وفي خدمة حرب الإبادة ضدّ الشعب الفلسطيني

في خضمّ تصاعد لهيب الفظائع والمجازر الصهيونية في غزة، يقف العالم صامتًا أو متواطئًا. لكن من بين رماد التطبيع الرسمي، ينتفض الشعب المغربي ليعلن بصوت موحد وحازم: لا للتطبيع، لا للخضوع، لا للمشاركة في خيانة متعمدة لقضية عادلة متجذرة في الوعي الجمعي للأمتين العربية والإسلامية.

وأشار مقال لجريدة الأيام الجزائرية، أنه ورغم مسيرة النظام المغربي الرسمي الحثيثة نحو تعميق العلاقات مع الكيان الصهيوني، وتحويل اتفاقيات التطبيع المبهمة إلى شراكات علنية تُقوّض ما تبقى من ركائز السيادة الوطنية، فإن الشعب المغربي – شيوخه وشبابه، نساءً ورجالًا، طلابًا ونقابات وأحزابًا سياسية – يقف متحدًا ليؤكد أن فلسطين ليست قضية عابرة، بل رمزٌ للكرامة وانعكاسٌ للهوية. لن يصبح المغرب سلعةً تُباع في أسواق النفوذ والسلطة.

وأوضح كاتب المقال موسى بن عبد الله، أن الاحتجاجات والإضرابات والمسيرات السياسية المستمرة في المدن المغربية ليست مجرد ردود فعل عاطفية، بل هي تعبيرات عن وعي جماعي بأن الخطر لم يعد نظريًا أو بعيدًا، بل أصبح تهديدًا ملموسًا لسيادة الأمة واختراق النفوذ الإسرائيلي لمؤسسات الدولة الحيوية تحت ستار التعاون الاقتصادي والتكنولوجي.

شهدت مدن المملكة المغربية، من طنجة شمالًا إلى الصويرة جنوبًا، موجات من المظاهرات الغاضبة. ويجمع المتظاهرين مطلب واحد: الإلغاء الفوري للاتفاقيات مع الكيان الصهيوني، وطرد جميع الممثلين الإسرائيليين من التراب المغربي، وهو ما يُعتبر إهانة مباشرة لموقف الأمة التاريخي ضد إسرائيل ودعمها الثابت لفلسطين.

مساء الأحد، شهدت مدينة طنجة واحدة من أكبر الاحتجاجات، سرعان ما تحولت إلى مسيرة حاشدة جابت شوارع المدينة، مرددين شعارات مثل “من المغرب إلى غزة، شعب واحد، لن ننساكم” و”يا نظام يا جبان، فلسطين لن تُهان”.

بالتزامن مع ذلك، شهدت عشرات المدن المغربية الأخرى احتجاجاتٍ مشتركة، تمحورت جميعها حول مطلبٍ محوريٍّ واحد: الوقف الفوري للتطبيع ورفض اندماج المغرب في مشروعٍ استعماريٍّ جديدٍ يُهدد وحدة البلاد واستقرارها وسيادتها. وتُعتبر هذه الاتفاقيات، التي تبدو قائمةً على التعاون الاقتصادي، غطاءً للتغلغل السياسي والأمني ​​للكيان الصهيوني.

في الجمعة الماضية، شارك آلاف المغاربة في أكثر من 105 فعالياتٍ احتجاجيةٍ موزعةٍ على 65 مدينة، ضمن فعاليات “جمعة طوفان الأقصى” الخامسة والسبعين. وقد مثّلت هذه الاحتجاجات تأكيدًا قويًا على أن الاتفاقيات مع إسرائيل لا تُمثّل الشعب المغربي، وأن دماء الشعب الفلسطيني لا تُقدّر بثمنٍ في عيون المغاربة المُتمسكين بموقفهم الثابت تجاه فلسطين.

بالتزامن مع الاحتجاجات، انهالت بيانات الإدانة من مختلف الأحزاب السياسية وجمعيات حقوق الإنسان والنقابات المهنية، مطالبةً الدولة المغربية بتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والتاريخية ووضع حدٍّ لهذا التطبيع المهزلة الذي يهدد النسيج الوطني ويشوه صورة المغرب في العالمين العربي والإسلامي.

أصدر المرصد المغربي لمناهضة التطبيع بيانًا حازمًا حثّ فيه السلطات على التراجع الفوري عن جميع أشكال التعاون مع الكيان الصهيوني، محذرًا من أن الاستمرار في هذا النهج يُعدّ خيانةً لقيم الأمة واعتداءً على كرامة المواطنين المغاربة الرافضين لزجّ بلادهم في مخططات استعمارية جديدة.

وبالمثل، أصدرت حركة العدل والإحسان بيانًا رسميًا أدانت فيه إصرار النظام على مواصلة التطبيع رغم المعارضة الشعبية الواسعة. ودعت جميع القوى الفاعلة إلى تصعيد المقاومة السلمية حتى إسقاط هذه الاتفاقيات الكارثية.

في خطوة لافتة، أطلق الجناح الشبابي لجماعة العدل والإحسان حملة إعلامية تحت شعار “من أجل الوطن، مع فلسطين، وضد التسلل الصهيوني”، معربًا عن رفضه للتطبيع الرسمي، داعيًا الشباب المغربي إلى التوعية والتنظيم والتعبئة.

كما طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكبر منظمة حقوقية مستقلة في البلاد، النظامَ بالاستماع إلى صوت الشعب والكف عن تسليم أراضي المغرب وموانئه للصهاينة. وأدانت الجمعية سياسات القمع التي تنتهجها الدولة وتجاهلها لاحتجاجات الشارع. وأعلنت عن عقد مؤتمرها الوطني الرابع عشر في الفترة من 23 إلى 25 مايو/أيار تحت شعار: “النضال الموحد ضد الفساد والاستبداد والتطبيع، من أجل مغرب ديمقراطي وحقوق إنسان”.

وبالمثل، أدان حزب العمال الديمقراطي بشدة انفتاح النظام على إسرائيل، واعتبره مساسًا بسيادة المغرب وخدمةً لمخططات الاستعمار الجديدة. ودعا الحزب إلى مقاومة جماعية وحازمة لمشاريع التطبيع.

وعلى الصعيد الجامعي، يواصل الطلاب تنظيم فعاليات ومؤتمرات مناهضة للتطبيع، رغم الملاحقات الأمنية والقمع. أعلن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب عن تنظيم مؤتمر طلابي لمناهضة التطبيع ودعم فلسطين، من المقرر عقده يومي 13 و15 مايو/أيار، بمشاركة واسعة من الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني.

يتزامن هذا الحراك الشعبي مع توقيع اتفاقية تطبيع جديدة في مجال النقل البحري، تسمح للسفن الصهيونية بالرسو في الموانئ المغربية، وتمنح الشركات الإسرائيلية مزايا لوجستية ومالية خطيرة.

حذّر الناشط السياسي بوبكر الأنقري من التداعيات الخطيرة لهذه الاتفاقية، واصفًا إياها بـ”المساس المقلق بالسيادة الوطنية”. وأكد أنها لا تمثل مجرد تعاون تقني، بل “اختراقًا استراتيجيًا متخفيًا في صورة اتفاقيات تجارية”.

وأشار الأنقري إلى أن تمرير مثل هذه الاتفاقيات الخطيرة دون نقاش عام أو رقابة برلمانية يمثل تجاهلًا صارخًا لإرادة الشعب، ومحاولة لتجاوز قرارات مصيرية تمس البنية التحتية للبلاد. وتساءل: “كيف لمغربٍ لطالما افتخر بدعمه لفلسطين أن يسمح بفتح موانئه لنظام فصل عنصري قائم على الاحتلال والتهجير؟”.

وفي الختام، أكد الونخاري أن ما يُسوّقه النظام على أنه تعاون، هو في الواقع تمكين تدريجي للنفوذ الإسرائيلي داخل الاقتصاد الوطني المغربي، في تطبيع زاحف يُهدد مستقبل البلاد.

يقف المغرب اليوم عند مفترق طرق: فإما أن يستجيب لنداء شعبه من أجل الكرامة والسيادة، أو أن يواصل مساره الخطير الذي يُهدد بتآكل استقلاله وقراره. لكن المؤكد أن صوت الشعب أعلى من أي محاولات للتهدئة، وستبقى فلسطين في وجدان كل مغربي حر، لا تُدنّس ولا تُباع، لأنها، بكل بساطة، رمز الكرامة وانعكاس الحقيقة.

رابط دائم : https://dzair.cc/s1qz نسخ