السبت 07 جوان 2025

نظام “الملك يحكم ويسود” يُفقد الأحزاب المغربية الغرض من وجودها ويجعل منها مجرّد واجهة لتزيين الاستبداد وتبرير سلطة المخزن

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
نظام “الملك يحكم ويسود” يُفقد الأحزاب المغربية الغرض من وجودها ويجعل منها مجرّد واجهة لتزيين الاستبداد وتبرير سلطة المخزن

يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس في الرباط، محمد الساسي، أن المنظومة السياسية في المغرب اعتمدت استراتيجية تاريخية قائمة على احتواء الأحزاب الوطنية أو ما يُطلق عليه “مخزنة” هذه الكيانات السياسية، مما جعلها تقبل في نهاية المطاف المشروع المخزني بدلاً من تبني مشروع ديمقراطي مستقل.

وخلال ندوة نظمتها مؤسسة “الفقيه التطواني”، أوضح الساسي أن “قضية الصحراء” لعبت دورًا محوريًا في إعادة تشكيل الساحة السياسية والحزبية، حيث ساهمت في تشكيل أحزاب موجهة أساسًا نحو الانتخابات. وبذلك، تحوّل المشهد من الاعتماد على مفهوم الحزب الأغلبي إلى فكرة تكوين أغلبيات حزبية.

وأشار في حديثه إلى أن هذه الأحزاب الجديدة تعرضت لانتقادات من الأحزاب الوطنية التي اعتبرتها مؤسسات تابعة للإدارة وأدوات لتنفيذ سياسات تُعرّف بـ “الحزبية المضادة”. ومع ذلك، فقد بقيت ما يعرف بأحزاب الأعيان وأحزاب الإدارة والمناضلين تتحرك ضمن مظلة السيادة الملكية.

وأكد الساسي أن النظام السياسي المغربي يدعم نموذج “الملك يحكم ويسود”، مما أفقد الأحزاب السياسية جوهر وجودها. فالغاية الطبيعية للحزب، وهي الوصول إلى السلطة وممارستها، أضحت غير ملموسة، مما قلّل من دور الأحزاب وأضعف مكانتها التي يفترض أن تكون محورية في النظام الديمقراطي.

كما لفت إلى أن الأحزاب المقرّبة من السلطة باتت تمتلك كفاءات وأطرًا عالية المستوى. وأشار إلى التحولات التي طرأت على هذه الأحزاب، إذ انتقلت من التصدي للأفكار الشيوعية ومناهضة أعداء الملكية إلى رفع شعارات ليبرالية وديمقراطية اجتماعية، واليوم تعزّز مفهوم “الدولة الاجتماعية”، كما يبدو مع تجربة حزب التجمع الوطني للأحرار.

وشدد الساسي على أن الفترات الممتدة بين 1995 وحتى اليوم شهدت انتقالًا من نموذج الغالبية الحزبية إلى هيمنة حزب واحد. ومع هزيمة الاستقلالية الحزبية، أصبح هناك شبه إجماع داخل الأحزاب على قبول فكرة السيادة الملكية. ورغم هذا الواقع، أشار إلى أن المملكة يمكن أن تستمر حتى في غياب الأحزاب، حيث أدى وجود التكنوقراط في بنيتها إلى تهميش الحزبية وتحويل المشهد السياسي إلى هامش وظيفته الأساسية اقتراح تأويلات للخطاب الرسمي.

وأضاف أن الأحزاب التي تبدو قوية داخل البرلمان تبدو ضعيفة في الشارع، وهو ما دفع فئات شابة إلى البحث عن طرق جديدة للتعبير عن ذاتها، تمثلت فيما وصفه بـ”أنواع الحريك الثلاثة”: الأول نحو الهجرة الخارجية، والثاني نحو التيارات الأصولية وعلى رأسها الأصولية الإسلامية، والثالث نحو التنسيقيات.

وأوضح الساسي أن ظاهرة التنسيقيات تدل على واقع جديد يتمثل في اعتماد جزء من الشعب المغربي على هذه الهياكل بديلًا عن الأحزاب والنقابات والجمعيات التقليدية. فبدلاً من معالجة المشكلة انطلاقًا من جذورها، تسعى التنسيقيات إلى الضغط والتضامن لتحقيق الحلول الفورية دون مساءلة الطبيعة السلطوية للنظام، بل تبحث فقط عن موطئ قدم ضمن إطاره القائم.

رابط دائم : https://dzair.cc/owdk نسخ