رئيس الفريق الطبي، بالمركز الاستشفائي بباتنة، المشرف على أول عملية زرع أعضاء من ميت إلى حي، الدكتور حسام الدين واغلانت لـ”دزاير توب” : “ما حققناه في مجال زراعة الكلى بمستشفى باتنة يفوق ما حققته كل من تونس و المغرب مجتمعة..

مروان الشيباني

رئيس الفريق الطبي، بالمركز الاستشفائي بباتنة، المشرف على أول عملية زرع أعضاء من ميت إلى حي، الدكتور حسام الدين واغلانت لـ”دزاير توب” :
“ما حققناه في مجال زراعة الكلى بمستشفى باتنة يفوق ما حققته كل من تونس و المغرب مجتمعة”

حاوره : رضوان بوهيدل

رضوان. ب : شهدنا قبل أيام حدثا نضنه قفزة في تاريخ الصحة و زراعة الأعضاء في الجزائر، من خلال عملية نقل و زراعة أعضاء، من شخص متوفي إلى أشخاص على قيد الحياة، هل لكم أن تشرحو تفاصيل الإنجاز في مجال الصحة ؟

د. حسام الدين. و : نعم، المميز في هذا الحدث هو أنه ولأول مرة في تاريخ الصحة في الجزائر تتم و بنجاح عمليه أخذ أو استئصال متعدد الأعضاء من معطي ميت و زراعة متعددة الأعضاء إلى مرضى مصابين بقصور كبدي و كلوي مزمنين، و ذلك في مراكز استشفائية مختلفة و بتنسيق شديد الإحكام بين القطاع الصحي العام المدني في مختلف الولايات من جهة، و ذلك في كل من قسنطينة، باتنة و الجزائر العاصمة، من ناحية، و بين قطاع الصحة المدني و العسكري من جهة أخرى.

رضوان. ب : كم دام التحضير للعملية و كم استغرق إجرائها ؟

د. حسام الدين. و : لقد تم إبلاغ الفريق باحتمال وجود معطي ميت في المستشفى الجامعي قسنطينة على الرابعة بعد الزوال ليوم 22 ماي 2019، و حينها تم الاتصال بكل الفرق الإدارية، الطبية، شبه الطبية و الجراحية المؤهلة في هذا المجال، لم ننم طوال الليل للتحضير و إجراء الاتصالات اللازمة مع معهد باستور و الوكالة الوطنية لزراعة الأعضاء لاختيار أحسن المرضى لاستقبال الأعضاء و تم استقبال الكلية و المستقبل على 5 صباحا و قام الفريق بالزراعة على 6:30 صباحا و كللت العملية بالنجاح على 9 صباحا.

رضوان. ب : هل يعتبر هذا النوع من العمليات الأول من نوعه، أم سبق و أن أجريت مثل هذه العمليات في الجزائر ؟

د. حسام الدين. و : لا، فقد تمت أول عملية استئصال من معطي ميت طبيا سنة 2002 بالمركز الاستشفائي الجامعي بقسنطينة تلتها ثاني عملية و ذلك بعد عشر سنوات أي في سنة 2012، و تحديدا بالمستشفى الجامعي “فرانس فانون” بالبليدة، لكن في المرتين السابقتين تم استئصال الكليتين فقط ، حيث تم زرع كل كلية لمريض على حدى، و ذلك في نفس المستشفى بالبليدة و بمستشفى محاذى لمستشفى الاستئصال بمدينة قسنطينة، لكن في هذه المرة الجزائر كانت على مستوى الحدث، حيث تم الاستئصال في ولاية و قطاع معين، ثم انتقاء المرضى المستقبلين لهذه الأعضاء وفق شروط و وفق قانون زرع الأعضاء الذي تم الإعلان عنه في شهر جويلية من العام الماضي، وذلك في عدة ولايات وعدة قطاعات، مدينة و عسكرية أيضا، و بتنسيق محكم و في زمن قياسي

رضوان. ب : في رأيكم ما هو التحدي الذي واجهكم لإنجاح مثل هذه العملية أو بالأحرى العمليات ؟

د. حسام الدين. و : في نظري، أن أكبر تحدي هو أن تكون كل الفرق الطبية و الجراحية التي ساهمت في إنجاح هذا المشروع، الذي كان بالنسبة للجزائر حلم، هو على مستوى العطاء الذي قامت به عائلة المتوفي الذي نسأل آلله عز وجل أن يتقبل منهم و أن يأجرهم في هذا الشهر الفضيل و أن يسكن الفقيد فسيح جناته. هذا يعني انه لا توجد تحديات تقنية أو بشرية في هذا المجال، أو بمعنى آخر عوائق ؟

رضوان. ب : ما هو ترتيب الجزائر في المغرب العربي خصوصا و مقارنتا بباقي الدول العربية و العالم عموما في مجال زراعة الأعضاء؟

د. حسام الدين. و : حسب معلوماتي، و خاصة في الأربع سنوات الأخيرة تقدمت الجزائر إلى المرتبة الأولى على مستوى المنطقة المغاربية، و هذا ما تأكد خلال الملتقى الفرنسي المغاربي، المنعقد في شهر فيفري الماضي بالجزائر العاصمة حيث تم عرض نتائج عمل مختلف فرق زراعة الأعضاء لكل من تونس، المغرب فرنسا و الجزائر و ذلك للسنوات الثلاثة الأخيرة حيث احتلت الجزائر المرتبة الأولى في زراعة الكلى من المعطي الحي (باتنة 100 عملية زراعة في 2018 ) لكن تبقى الثلاث بلدان بعيدة جدا عن فرنسا للأسف في ما يخص المعطي الميت، الذي نأمل أن يتطور في بلدنا لأنه سيؤدي إلى نقلة نوعية في مستوى الصحة في بلدنا.

رضوان. ب : في رأيكم، هل يحتاج هذا النوع من المشاريع الطبية و الصحية عموما مساهمة من طرف السلطة السياسية، لاسيما فيما تعلق بالجانب الشرعي و توفير الإمكانيات و التسهيلات ؟

د. حسام الدين. و : للرفع من مستوى الصحة في الجزائر، يجب أن تكون هناك إرادة سياسية لأنه ليس لصحة الإنسان ثمن، و لكن لديها قيمة مادية و المسؤول عن رفع هذه القيمة المادية لمستوى زراعة الأعضاء هو الوزارة الوصية و من فوقها الحكومة بكل وزاراتها، لأن مثل هذا البرنامج يحتاج إلى وسائل طبية خاصة، وسائل نقل خاصة للأعضاء، و كذا للفرق الجراحية المختصة في مثل هذه الجراحة، لكن هذا لا ينفي أنه هناك مكسب عظيم لبلدنا، يجب تثمينه، في هذا المجال، و هو إنشاء وكالة وطنية لزرع الأعضاء و تقنين زراعة الأعضاء الذي من دوره حماية المعطي، و كذا الآخذ أو المستقبل و الفرق الطبية المتخصصة في هذا المجال، لكن في نظري ينقص إعطاء ميزانية خاصة لمثل هذا النشاط و تحفيز الفرق العاملة في هذا المجال معنويا و ماديا و إجراء تربصات بالتعاون مع الدول الرائدة في هذا المجال مثل إسبانيا و إيران

رضوان. ب : هل من مشاريع مستقبلية في هذا المجال ؟

د. حسام الدين. و : ا كيد فبعد المستوى الذي وصلت إليه الجزائر في زراعة الأعضاء و الأنسجة من المعطي الحي و الذي أثبت فريق باتنة جدارته في هذا المجال خاصتا زراعة الكلى حيث فاق عدد المزروع لهم في هذه الولاية ما قامت به كل الفرق المغربية و التونسية مجتمعة . لهذا فالمشروع القائم هو تحفيز المعطي الميت الذي سيدفع بعجلة الزراعة نحو الأمام و ذلك في كل مجالات الزراعة الكلى، الكبد، القلب، الرئة، البنكرياس ، القرنية و العظام ….

رضوان. ب : كلمة أخيرة ؟

د. حسام الدين. و : في الأخير لا يسعني إلا أن أتقدم لكم بالشكر الجزيل على فتح المجال لي للتعبير عن ما يجول في خاطري و لا انسى أن أتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاح أول عملية زرع متعدد الأعضاء انطلاقا من معطي ميت من فرق طبية، جراحية، شبه طبية و إدارية تحت إشراف الوكالة الوطنية لزراعة الأعضاء و تحت وصاية كل من وزارة الصحة و السكان و إصلاح المستشفيات ووزارة الدفاع الوطني و الشكر الخاص للبروفيسور حسين شاوش و فريقه الجراحي و البروفيسور كريم بوجمعة من مستشفى ران بفرنسا و الجزائري الأصل و فريقه الجراحي اللذان كانا و لا يزالا يقدمان كل الدعم لكل الفرق التي تقوم بزراعة الأعضاء في الجزائر و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و عيدكم سعيد مبارك إن شاء الله.

شارك المقال على :